وقف ماهر الأخرس بالأمس شامخاً عند رفضه إضفاء الشرعية ولو للحظة واحدة على الاعتقال الإداري التعسفي الذي تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي بشكل مخالف للقانون الدولي الإنساني وخاصة المادة 78 من اتفاقية جنيف الرابعة، وتستخدمه كأسلوب فظ للعقاب الجماعي، وكسيفٍ مُسلَط على رقاب المواطنين الفلسطينيين من مختلف الفئات العمرية والشرائح الإجتماعية. فتصدى لكل محاولات الإلتفاف الخبيثة لكسر إضرابه سواء بقرار تجميد اعتقاله الإداري الذي أصدرته محكمة العدل الإسرائيلية رداً على الالتماس الذي قدم له بتاريخ 23/09/2020، أو بتوصية المحكمة العليا للنيابة الإسرائيلية بالأمس بإطلاق سراحه في السادس والعشرين من الشهر القادم، وعرّى بوعيه وصلابة إرادته محاولات القضاء الإسرائيلي خداعه والالتفاف على إضرابه عندما ادعى أن الأخرس لم يعد معتقلاً وأن وجوده بالمستشفى من أجل العلاج والتعافي.
وتوجه حريات بالتحية إلى ماهر الأخرس على صموده دفاعاً عن حقه المشروع بالحرية وضد سياسة الاعتقال الإداري التعسفية، وتدشينه طريقاً جديداً في تعرية هذه السياسة والتصدي لها باتجاه إنهائها، عندما تجاوز في معركته الباسلة هدف التثبيت وعدم التجديد، إلى رفضه له من حيث المبدأ. وهي خطوة جريئة متقدمة ونوعية نحو مجابهة هذه السياسة التي ينبغي الإمساك بها والبناء عليها في خوض المعركة القانونية على المستوى الدولي.
وعليه يطالب حريات بتبني إستراتيجية وطنية واضحة في هذا الشأن، يتكامل فيها الجهد الشعبي والأهلي والرسمي للقيام بحملة دولية لإنهاء سياسة الاعتقال الإداري وإغلاق هذا الملف وإطلاق سراح جميع المعتقلين الإداريين، باعتبار هذا الاعتقال مخالفاً للقانون الدولي الإنساني، ويرتقي إلى مستوى جرائم الحرب، لاسيما أنه يندرج في إطار جريمة التعذيب التي لا تسقط بالتقادم، وتلزم العدالة والإرادة الدوليتين بملاحقة المسؤولين عن ارتكابها في دولة الاحتلال. ويطالب أيضاً المجتمع الدولي والأمين العام للأمم المتحدة والصليب الأحمر الخروج عن صمتهم وإدانة هذه الجريمة والضغط على حكومة الاحتلال لإطلاق سراح الأسير ماهر الأخرس فوراً، وتحميلها المسؤولية الكاملة عن حياته.
وطالب ممثلي دولة فلسطين في الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان بدعوة الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف للاجتماع واتخاذ القرار اللازم بإدانة هذه السياسة التعسفية وإجبار دولة الاحتلال الكف عنها وإنهائها إلى غير رجعة لا سيما وأن هناك المئات من المعتقلين الإداريين الذين يزجون في سجون الاحتلال لسنوات طويلة.
يذكر أن الأسير ماهر عبد اللطيف حسن الأخرس 49 عاماً، من بلدة سيلة الظهر في جنين، ولد بتاريخ 2/8/1971، وهو أب لستة أبناء. اعتقل على يد قوات الاحتلال عدة مرات، ففي العام 1989 اعتقل لمدة 7 شهور، واعتقل في العام 2004 لمدة عامين، وتعرض للاعتقال الإداري في عام 2009 لمدة 16 شهراً، واعتقل إدارياً لمدة 11 شهراً في العام 2018. وبتاريخ 27/7/2020 داهمت قوات الاحتلال منزل الأخرس مرة أخرى وأقدمت على اعتقاله مجدداً وتحويله إلى الاعتقال الإداري وأعلن منذ لحظتها عن إضرابه المفتوح عن الطعام ليدخل اليوم يومه 79 مضرباً عن الطعام والأملاح والفيتامينات وأية مدعمات آخرى.