يواجه الأسير ماهر الأخرس، يبلغ من العمر 45 عاماً، ويخضع للاعتقال الإداري، خطراً وشيكاً يهدد حياته في مستشفى “كابلان”، الواقع داخل أراضي 48 بعد تدهور حالته الصحية لمرحلة الخطر. وكان الأسير الأخرس قد أعلن عن خوض إضراب مفتوح ومتواصل عن الطعام منذ اليوم الذي اعتُقل فيه الموافق 27/07/2020، في مسعى لالتماس العدالة وإنصافه من الأمر الذي صدر بوضعه رهن الاعتقال الإداري لمدة أربعة أشهر. ومنذ ذلك الحين، لا يتناول الأخرس سوى الماء، ويرفض تناول المدعمات، كالفيتامينات أو الأملاح، أو أي سوائل أخرى.
بتاريخ 23/09/2020، قدمت محاميته الأستاذة أحلام الحداد، التماساً طالبت فيه بإلغاء أمر الاعتقال الإداري للمحكمة العليا في دولة الاحتلال الإسرائيلي، بدورها قررت المحكمة في ردها “تجميد” الأمر الصادر بحق الأسير الأخرس. وبيّنت أنه لا يوجد، في هذه اللحظة – ومع أخذ الوضع الصحي الحرج الذي انتهى إليه الأسير الأخرس في عين الاعتبار – أي “تهديد أمني” أو احتمال قيام تهديد في المستقبل. ولا يلغي قرار المحكمة بشأن “تجميد” أمر الاعتقال الإداري، في أي حال من الأحوال، هذا الأمر ولا يُستبعد خطورة تجديده أو حتى قضاء المدة المتبقية منه بعد صدوره. ولا يشير هذا التجميد إلى أن الأسير الأخرس قابع وراء القضبان في هذه الأثناء، وأنه يُسمح له بممارسة حقوقه في زيارته. ومع ذلك، يشكّل القرار محاولة لكسر الإضراب المفتوح عن الطعام الذي يخوضه الأسير الأخرس ويمثل أسلوباً من أساليب الترويع التي ترمي إلى الاستمرار في قمعه وحرمانه من حقه في الدفاع عن نفسه والتماس العدالة بوجه مشروع.
وفي وقت لاحق، أي بتاريخ 01/10/2020، رُفع التماس آخر ضد أمر الاعتقال الإداري، بيد أن المحكمة رفضته استناداً إلى أن ذلك الأمر لم يكن سارياً في حينه، وأنه لا يمكن فسخه بناءً على ذلك. ولا يُخفى أن النية التي يبيّتها النائب العسكري الإسرائيلي، ومعه جهاز المخابرات الإسرائيلي (الشاباك)، تكمن في الإبقاء على الأسير الأخرس رهن الاعتقال الإداري على الرغم من افتقارهما إلى الأدلة الواضحة أو إجراء أي تحقيقات جدية للوقوف على مدى مصداقية الاتهامات الموجهة إليه. وفي ضوء إصرار المحكمة على الامتناع عن إلغاء أمر الاعتقال الإداري الجائر الذي صدر بحق الأسير الأخرس والنوايا التي تكنّها سلطات الاحتلال الإسرائيلية، لا يزال الأسير الأخرس ماضياً في إضرابه المفتوح عن الطعام.
وكان الأسير الأخرس قد اقتيد عقب اعتقاله، إلى مركز الاحتجاز في حوارة، ونُقل بعدما أعلن الإضراب المفتوح عن الطعام إلى الزنازين في سجن “عوفر”، إلى أن انتهى به المطاف في عيادة سجن الرملة. وبتاريخ 23/09/2020، نُقل الأسير الأخرس إلى مستشفى “كابلان” بعدما بدأ يفقد الوعي وأصبح يعاني من مضاعفات صحية. من الجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الأسير الأخرس للسجن والاعتقال الإداري على أيدي قوات الاحتلال. فقد سبق أن اعتُقل في العام 1989 لمدة سبعة أشهر، واعتُقل بعدها في العام 2004 لمدة عامين. وبعد ذلك، تعرّض الأسير الأخرس للاعتقال في العام 2009، حيث أمضى مدة بلغت 16 شهراً في الاعتقال الإداري، واعتُقل مرة أخرى في العام 2018، حيث قضى 11 شهراً رهن الاعتقال الإداري.
ويشهد الاعتقال الإداري، الذي تعتمده سلطات الاحتلال الإسرائيلية وتمارسه على نحو ممنهج وتعسفي، إدانة واسعة النطاق من جانب المنظمات المحلية والدولية بوصفه انتهاكاً يمسّ حقوق الإنسان الأساسية. فعلى وجه الخصوص، دعت لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة، بتاريخ 13/05/2016، حكومة دولة الاحتلال الإسرائيلية إلى أن “تُعجل باتخاذ التدابير اللازمة لإنهاء ممارسة الاحتجاز الإداري وضمان منح جميع الأشخاص رهن الاحتجاز الإداري حالياً كل الضمانات القانونية الأساسية”. وبناءً على ذلك، يؤكد مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية هذه الملاحظات، ويدعو إلى:
- دولة الاحتلال الإسرائيلي، بصفتها السلطة القائمة بالاحتلال، إلى إطلاق سرح الأسير ماهر الأخرس، الذي يواجه الآن خطراً يهدد حياته، على الفور، ووقف جميع الإجراءات والنوايا التي تبيّتها بالإبقاء عليه رهن الاعتقال الإداري، فضلاً عن وضع حد لاستخدام الاعتقال الإداري الممنهج والتعسفي بحق الفلسطينيين.
- المجتمع الدولي والأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة إلى الوفاء بالالتزامات الواقعة على عاتقها تجاه حماية حقوق الإنسان وفرض إنفاذ القانون الإنساني الدولي، ولا سيما في الحالات التي تُرتكب فيها مخالفات جسيمة في زمن الصراع والاحتلال.
- كما يدعو مجلس المنظمات إلى إنفاذ التدخل الفوري لولايات الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة، بما تشمله من ولاية المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، السيد مايكل لينك، والفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي.