ضمن جهود مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية “حريات” في تعزيز الوعي السياسي والمجتمعي بأهمية الانتخابات العامة كأداة ديمقراطية لتجديد الشرعيات وإنهاء الانقسام السياسي، نُظمت سلسلة من اللقاءات الحوارية والمجتمعية في عدد من المدن والجامعات الفلسطينية، بالشراكة مع لجنة الانتخابات المركزية، وبدعم من الاتحاد الأوروبي. وقد امتدت هذه اللقاءات لتشمل أبو ديس، بيرزيت، وجامعتي بيرزيت والنجاح، إضافة إلى لقاء موسع في مركز المنظمات الأهلية في بيرزيت.
افتُتحت السلسلة بلقاء عام في قاعة بلدية أبو ديس، حضره رئيس البلدية جمال أبو هلال، إلى جانب ممثلين عن قوى سياسية ومؤسسات محلية. وأكد أبو هلال في كلمته الافتتاحية أن الانتخابات العامة تمثل استحقاقًا وطنيًا لا يحتمل المزيد من التأجيل، مشددًا على أن تجديد الشرعيات السياسية وإعادة اللحمة الوطنية لا يمكن أن يتمّا دون العودة إلى صناديق الاقتراع. من جهته، تناول مدير مركز “حريات” حلمي الأعرج واقع الحياة السياسية في ظل غياب الانتخابات، معتبرًا أن استمرار هذا الفراغ الانتخابي ساهم في تعميق أزمة الثقة بين المواطن والنظام السياسي، وحرم فئات واسعة من حقها الطبيعي في المشاركة السياسية، لا سيّما الشباب والنساء.
وفي بلدة بيرزيت، نظّم المركز لقاءً بالشراكة مع مبادرة بيرزيت الثقافية في قاعة البلدية، بمشاركة عدد من الفعاليات المحلية، وبحضور رئيسة بلدية بيرزيت السابقة ديانا صايج، التي أكدت بدورها أن الانتخابات تمثل مدخلًا حقيقيًا للخروج من حالة الانقسام، ووسيلة لاستعادة وحدة القرار الفلسطيني، داعية إلى تهيئة الأجواء السياسية والقانونية لإجرائها. وناقش الحضور خلال اللقاء أهمية تطوير النظام الانتخابي الفلسطيني ليكون أكثر تمثيلًا للفئات المهمشة، وضمان حماية الحريات العامة.
في السياق ذاته، عقدت جامعة بيرزيت محاضرة عامة شارك فيها كل من الأعرج والدكتور طالب عوض، بحضور واسع من طلبة الجامعة والأكاديميين. تناولت المحاضرة الجوانب القانونية والدستورية المرتبطة بالحق في الانتخابات، مع التأكيد على أهمية إشراك الشباب في الحياة السياسية وتمكينهم من ممارسة دورهم في صناعة القرار. وقد تميّزت الجلسة بتفاعل طلابي لافت، عكس مستوى عاليًا من الوعي السياسي والرغبة في الانخراط بالعمل العام.
أما في جامعة النجاح الوطنية، فقد نظّمت كلية الاقتصاد والعلوم الاجتماعية ندوة موسعة شارك فيها نخبة من المتخصصين، من بينهم الدكتور عمار الدويك، الأستاذ هاني المصري، وحلمي الأعرج. وشدد المتحدثون على أن تعطيل الانتخابات أدى إلى تآكل الثقة في المؤسسات، مؤكدين أن الحل يكمن في العودة إلى العملية الانتخابية كإطار قانوني ودستوري لإعادة بناء النظام السياسي. كما أشاروا إلى ضرورة ضمان دور الشباب في أي استحقاق انتخابي قادم، خاصة أن الجيل الجديد لم تتح له الفرصة للمشاركة في انتخابات منذ أكثر من عقد ونصف.
واختتمت اللقاءات بلقاء مجتمعي في مركز المنظمات الأهلية بحضور ممثلين عن الجمعيات والمؤسسات الأهلية. وناقش المشاركون خلال الجلسة الدور المحوري الذي يمكن أن تلعبه مؤسسات المجتمع المدني في التأثير على الرأي العام، ودفع الجهات الرسمية نحو اتخاذ خطوات جادة لإجراء انتخابات شاملة. كما تم التأكيد على أهمية توسيع دائرة التمثيل، وضمان شمولية العملية الانتخابية بحيث تعكس التنوع المجتمعي، وتحترم إرادة الشعب الفلسطيني في اختيار ممثليه عبر صناديق الاقتراع.
وتأتي هذه اللقاءات في إطار مشروع توعوي أطلقه مركز “حريات” بالشراكة مع لجنة الانتخابات المركزية، بهدف كسر حالة الصمت السياسي، وفتح فضاءات حرة للحوار المجتمعي، وتعزيز الثقافة الديمقراطية في أوساط المجتمع الفلسطيني، باعتبار أن المشاركة السياسية هي حجر الأساس في أي مشروع تحرري وطني، ومدخل ضروري لبناء الدولة الفلسطينية المستقلة على أسس ديمقراطية راسخة.