يتابع مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية بقلق بالغ قيام النيابة العامة بتوجيه استدعاء للناشط الحقوقي المحامي داود درعاوي للتحقيق معه على خلفية آرائه ومنشوراته التي تنتقد تشكيل المحكمة الدستورية العليا وأداء قُضاتها، والذي جاء بناءً على شكوى جزائية مقدمة من رئيس المحكمة الدستورية.
وقد توقّف مجلس المنظمات أمام الشكوى المقدمة، وما تحمله من أبعاد ودلالات، وما تطرحه من أسئلة مبدئية حول ماهية دور المحكمة الدستورية في حماية القانون الأساسي وصيانة الحقوق والحريّات، وأداء نظام العدالة الجنائية، ومخاطر تطال حرية التعبير عن الرأي المكفولة في القانون الأساسي والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
جاءت الشكوى المقدمة، في ظل مواقف واضحة ومعلنة صادرة عن مجلس المنظمات تؤكد عدم دستورية تشكيل المحكمة وافتقارها لمعايير الاستقلالية والحياد. ورافق ذلك انتقادات علنية واسعة طالت تشكيل المحكمة الدستورية وأدائها من قبل العديد من مؤسسات المجتمع المدني وأعضاء المجلس التشريعي وشخصيات عامة وخبراء في القانون من خلال تعليقاتهم على القرارات الصادرة عنها.
كما أن تشكيل المحكمة الدستورية العليا محل طعن أمام القضاء انضم إليه الناشط الحقوقي الذي استهدفته الشكوى الجزائية، وقد صرح ممثل عن مجلس نقابة المحامين الفلسطينيين مؤخراً لوسائل الإعلام بعزم نقابة المحامين على تقديم طعن قضائي في تشكيل المحكمة الدستورية.
وعليه، فإن مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية يؤكد على ما يلي:
أولاً: حرية التعبير عن الرأي حق أساسي من حقوق الإنسان، مرتبط بمنظومة الحقوق والحريات ارتباطاً لا يقبل التجزئة، ومكفول في القانون الأساسي والاتفاقيات التي انضمت إليها دولة فلسطين دون تحفظات، والتقيد باحترامه ملزِم للسلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، وانتقاد أداء أي من السلطات العامة ومن يشغلون المناصب بما يشمل قضاة المحكمة الدستورية شكلٌ مشروعٌ من أشكال حرية التعبير عن الرأي.
ثانياً: إن تعامل قضاة المحكمة الدستورية مع الانتقادات الموجهة لأدائهم بالطريق الجزائي يثير العديد من التساؤلات حول مفهومهم لحرية التعبير عن الرأي وقواعد السلوك القضائي، ودورهم في الدفاع عن سيادة القانون وحماية الحقوق والحريات الدستورية المكفولة للمواطنين وفي مقدمتها حرية الرأي والتعبير.
ثالثاً: إن دور المحكمة الدستورية
يتمثل في الرقابة على دستورية القوانين وتفسيرها والفصل في تنازع الاختصاص بين
السلطات الثلاث، وإن من ينتقدون أداءها هم مصدر السلطات بحكم القانون الأساسي.
رابعاً: يؤكد مجلس المنظمات على ضرورة
احترام الالتزامات الواردة في إعلان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان الصادر بموجب
قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9 ديسمبر عام 1998، وحقوق المحامين بموجب
قانون المحامين النظاميين لعام 1999 وتعديلاته والتي لا تجيز تعقب أو توقيف
المحامي لأي عمل قام به تأدية لواجباته المهنية.
خامساً: يدعم مجلس المنظمات موقف نقابة
المحامين الفلسطينيين في اللجوء إلى الطعن القضائي على تشكيل المحكمة الدستورية
العليا، ويأمل من مجلس النقابة اتخاذ موقف داعم لحرية المحامين في أداء رسالتهم
المهنية وحقهم في التعبير عن آرائهم بحرية انطلاقاً من دوره في تعزيز سيادة
القانون وصون حقوق الإنسان.
سادساً: يجدد مجلس المنظمات التأكيد
على موقفه المبدئي بأن استمرار انعقاد المحكمة الدستورية العليا يشكل انتهاكاً
صارخاً للقانون الأساسي الفلسطيني وقانون المحكمة الدستورية، وأن تشكيل المحكمة قد
مسّ باستقلاليتها وحياديتها، ويحذر مجلس المنظمات من خطورة استمرار عمل المحكمة
الدستورية على النظام السياسي الفلسطيني ومبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات
واستقلال القضاء، ويطالب السيد الرئيس محمود عباس بسحب قرار تشكيلها كمقدمة على
طريق إعادة ترميم النظام السياسي والإصلاح القضائي.