فخامة الرئيس محمود عباس المحترم
رئيس دولة فلسطين
رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية
تحية واحتراماً وبعد،،
الموضوع: أهمية توجيه رسالة لرئيس الولايات المتحدة باراك اوباما للقاء فخامتكم في القدس
بداية “يود مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية” أن يعبر لفخامتكم عن اعتزازه وتقديره لتوجهاتكم الحريصة على تدويل القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، وهو ما لمسناه عملياً في ذهابكم إلى الأمم المتحدة للحصول على مكانة “دولة مراقب غير عضو”، وذلك رغم الضغوطات التي مورست لثنيكم عن هذا المسعى، والتي ووُجِهت من فخامتكم بالمزيد من الإصرار على تعزيز مكانة القضية الفلسطينية في الأمم المتحدة.
فخامة الرئيس
إن “مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية” يبدي خشيته وقلقه من إمكانية حدوث تراجع فلسطيني في التحضير على المستوى القانوني الدولي نحو الانضمام إلى بعض المواثيق والآليات الدولية المتاحة وخاصة المتخصصة في المساءلة، وذلك بعد إعلان البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي باراك اوباما يعتزم زيارة الأرض الفلسطينية المحتلة في ٢٠ آذار المقبل. لذا فإن المجلس يود التأكيد على أهمية عدم ربط المعركة القانونية والحقوق المنصوص عليها في القانون الدولي بالمفاوضات، وعلى ضرورة وضع إستراتيجية قانونية شاملة في التعاطي مع القضية الفلسطينية تستند إلى مبادئ وقواعد القانون الدولي بشكل أساسي، والاستمرار في مواجهة الضغوطات التي تقوم بها بعض الدول من خلال بلورة إرادة سياسية فلسطينية ثابتة ترتكز إلى إستراتيجية “الحقوق”.
ويرى المجلس أن عدم الاستناد إلى مبادئ وأحكام القانون الدولي قد أدى إلى تشجيع المجتمع الدولي على تبني وطرح حلول سياسية تنتقص من الحقوق الفلسطينية الثابتة وغير القابلة للتصرف مما أدى إلى تجاهل بعض الدول والأمم المتحدة لقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، لا بل والاتفاق على خرق هذه القواعد؛ كما هو الحال مع قبول هذه الدول فكرة نفي الأسرى الفلسطينيين إلى خارج الأرض المحتلة وانتهاك حقوقهم وغض المجتمع الدولي، بما فيه الأمم المتحدة، النظر عن جرائم المحتل، ومطالبة الطرفين بضبط النفس والعودة إلى التفاوض عوضاً عن التحرك لمساءلة وملاحقة المحتل عن هذه الجرائم.
ومن هنا، يؤكد “مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية” على أهمية تقرير لجنة تقصي الحقائق بشأن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية والذي سيعرض في اجتماع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة المنعقد يوم الاثنين الموافق ١٨/٣/٢٠١٣ في جنيف، حيث نرى أن توصيات اللجنة وخاصة المتعلقة بدعوة جميع الدول الأعضاء إلى الإمتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، والتي تدعوها على وجه التحديد إلى عدم الاعتراف بالوضع غير المشروع الناتج عن الانتهاكات الإسرائيلية، في حال تم تنفيذها، توفر فرصة لمساءلة ومحاسبة إسرائيل. ولذلك يجب على بعثة فلسطين الدائمة في جنيف إضافة بند في مشروع القرار الذي ستصوت عليه دول مجلس حقوق الإنسان المتعلق بالتقرير يؤكد على أهمية تحمّل الدول لمسؤولياتها المنصوص عليها في القانون الدولي، حيث يأمل “مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية” من فخامتكم عدم الرضوخ للضغوطات التي تسعى إلى افقاد تقرير لجنة تقصي الحقائق قيمته ومضمونه، واستخلاص العبر من تجربة بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن النزاع في غزة والمعروفة بلجنة غولدستون وتفادي تكرار الأخطاء السابقة.
لقد انتفع الاحتلال من الأرض الفلسطينية المحتلة على مدار 46 عاماً وخاصة خلال مرحلة المفاوضات التي دامت 20 عاماً لتكثيف ممارساته الاستعمارية للتأثير على أية اتفاقية من خلال توسيع الاستيطان، حيث يوجد حالياً حوالي 200 مستوطنة تشكل منزلاً لأكثر من 500.000 مستوطن يتحكمون في 40 بالمئة من أراضي الضفة الغربية وما تتضمنه من موارد طبيعية مثل المياه. ويستهدف وجود المستوطنات حرمان الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير من خلال تقطيع أوصال الأرض الفلسطينية المحتلة، وتفتيتها ومنع الشعب الفلسطيني من ممارسة سيادته على موارده الطبيعية، وأبرز نموذج على هذه السياسة يتمثل في الخطط الإسرائيلية للبناء في منطقة E1 وغيرها بهدف فصل القدس كلياً عن الضفة الغربية.
ويشكل حرمان الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير وما يترافق معه من ممارسات استعمارية وفرض لنظام فصل عنصري من قبل إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام ١٩٦٧، حالات خرق جسيمة للقواعد الآمرة التي ينشئها القانون الدولي ويرعاها. وتُرتب هذه الانتهاكات مسؤولية على الدول حسب المادة (٤١) من مشروع لجنة القانون الدولي حول المسؤولية الدولية عن الأفعال غير المشروعة دولياً. فبموجب هذه المادة، تقع جميع الدول تحت التزام يملي عليها الإحجام عن الاعتراف بشرعية وقانونية مثل هذا الوضع، وعدم تقديم العون أو المساعدة في إدامته والإبقاء عليه والتعاون من أجل وضع حد لهذه الانتهاكات، وبالرغم من هذه الالتزامات ورفض المجتمع الدولي ضم الاحتلال للأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية وتصريحاته المنددة بالاستيطان إلا أنه لم تتخذ أية إجراءات ملموسة لتغيير هذا الواقع.
فخامة الرئيس
لكل ما سبق، فإن “مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية” يأمل من فخامتكم توجيه دعوة إلى الرئيس الأمريكي باراك اوباما للقاء سيادتكم في القدس؛ في بيت الشرق مقر قيادة منظمة التحرير الفلسطينية المغلق من قبل الاحتلال، لما يمثله هذا التوجه من أهمية بالغة على صعيد استكمال خطواتكم الدبلوماسية الرافضة للواقع الذي تحاول إسرائيل فرضه من خلال الاستيطان. إن هذا المطلب يتحدى المشروع الاستيطاني الإسرائيلي وسياساته الرامية إلى فصل القدس عن الضفة وتهويدها، وهو مطلب يتناسب مع الالتزامات الدولية القانونية تجاه القضية الفلسطينية، ويؤكد للمجتمع الدولي عامة ولأمريكا خاصةً أننا شعب لم ولن يتنازل عن حقوقه ولن يسمح إغفال وتغييب قواعد القانون الدولي والالتزامات التي يفرضها على المحتل
مع خالص الاحترام
مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية