اعتقلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي محافظ القدس المحتلة السيد عدنان غيث للمرة الثامنة عشر على التوالي منذ توليه منصبه في العام 2018. وكانت قوات الاحتلال قد اقتحمت منزل غيث بتاريخ 19/07/2020، الواقع في بلدة سلوان في المدينة المحتلة، واقتادته معها إلى مركز تحقيق المسكوبية. وفي اليوم التالي مددت محكمة الاحتلال اعتقال غيث لمدة أسبوع بناءً على طلب النيابة العامة لاستمرار التحقيق معه في ما تسميه “ملف سري”، ومن ثم قامت سلطات الاحتلال بنقله من مدينة القدس المحتلة إلى سجن عسقلان الواقع ضمن أراضي الـ 48. وبتاريخ 20/07/2020، مددت المحكمة اعتقال غيث للمرة الثانية على التوالي، فيما قامت بتمديد اعتقاله صباح اليوم الخميس الموافق 30/07/2020 ولمدة خمسة أيام جديدة.
وفي السياق ذاته، وفي حوالي الساعة 08:00 من صباح يوم الأربعاء الموافق 22/07/2020، اعتقلت قوات الاحتلال كل من داود الغول، المدير السابق لتجمع المؤسسات الثقافية في القدس “شفق”، وسهيل خوري، المدير العام للمعهد الوطني للموسيقي، ورانيا إلياس، مديرة مركز يبوس الثقافي في القدس، من منازلهم حيث يقيم سهيل ورانيا – وهما زوجان- في بيت حنينا شمال المدينة، بينما يقيم الغول في سلوان. واقتادت قوات الاحتلال كل من سهيل وداود لمركز تحقيق تابع لشرطة الاحتلال في المستوطنة السماة “هارحوماة” المقامة على جبل أبو غنيم جنوب المدينة، في حين اقتادت رانيا إلى مركز يبوس، الذي ترأسه والمغلق منذ حوالي شهر بسب انتشار جائحة كورونا، وقامت بتفتيشه، حيث قام عناصر من شرطة الاحتلال يرافقهم ضابط مخابرات وما يسمى بمسجل المؤسسات وموظف من مصلحة الضرائب باقتحام المؤسستين ومصادرة الملفات والحواسيب وحتى كاميرات المراقبة. واستمر اقتحام المعهد حتى حوالي الساعة 12:30 ظهرًا، أما مركز يبوس حتى الساعة 13:15 ظهراً، وبعد انتهاء الاعتداء على مركز يبوس تم اعتقال رانيا واقتيادها إلى مركز التحقيق ذاته في مستوطنة ” هارحوماه”. وخلال تفتيشها للمنازل صادرت قوات الاحتلال هواتفهم الشخصية، وحواسيبهم بالإضافة لملفات موجودة بالمنازل. كما صادرت قوات الاحتلال مركبة تعود لسهيل، وهي من نوع ميتشوبيشي 2019.
وأخلت قوات الاحتلال سبيل كل من رانية وسهيل في ذات اليوم، في حين قامت بنقل الغول لمركز المسكوبية، واستمر اعتقاله حتى تاريخ 28/7/2020، وأخلي سبيله، ولكن سلطات الاحتلال فرضت عليه حبسًا منزليًا لمدة عشرة أيام، منعته خلالها التواصل مع أي شخص بخصوص اعتقاله والتحقيق الذي جرى معه. وتدعي سلطات الاحتلال أن التحقيق مع الثلاثة على تهم تتعلق بالتهرب الضريبي وتبييض الأموال، وادعت أن هناك ما تسميه ملفاً سرياً في قضية الغول.
يؤكد مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية أن اعتقال المحافظ غيث، وكل من رانيا إلياس، وسهيل خوري، وداود الغول يأتي في إطار الهجوم على مؤسسات القدس، الهادف إلى طمس الوجود الفلسطيني والهوية الفلسطينية في المدينة وتعزيز المشروع الاستعماري الاستطياني الإسرائيلي، حيث تنتهج دولة الاحتلال أساليب عديدة لتحقيق هذه الغاية منها استهداف المؤسسات، والنشطاء ممن يحرصون على الإبقاء على الصوت والهوية الفلسطينية الوطنية والثقاقية والسياسية.
ويرى المجلس أن الهجوم على ا لمؤسسات الثقافية في القدس يشكل اعتداءً على الثقافة الفلسطينية، فقد نصت المادة (27) من اتفاقية جنيف الرابعة على أن ” للأشخاص المحميين في جميع الأحوال حق الاحترام لأشخاصهم وشرفهم وحقوقهم العائلية وعقائدهم الدينية وعاداتهم وتقاليدهم”.
كما يرى المجلس أن اعتقال النشطاء دون تهمة يشكل اعتقالاً تعسفياً حيث نصت المادة (09) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن ” لكل فرد حق في الحرية وفى الأمان على شخصه. ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفاً. ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقا للإجراء المقرر فيه”، كما أكدت المادة ذاتها على وجوب “إبلاغ أي شخص يتم توقيفه بأسباب هذا التوقيف لدى وقوعه، كما يتوجب إبلاغه سريعا بأية تهمة توجه إليه”.
إن مجلس منظمات حقوق الإنسان، وفي الوقت الذي يدين فيه بشدة منع سلطات الاحتلال العمل السياسي والمدني على الفلسطينيين في مدينة القدس المحتلة، والذي يأتي ضمن سياسة ممنهجة تهدف لطمس الثقافة الفلسطينية في المدينة وقد يكيف على أنه جريمة اضطهاد، تندرج ضمن الجرائم ضد الإنسانية، ومحو الوجود الفلسطيني في المدينة وتغيير معالمها لصالح مزيد من الاستيطان، فإنه يطالب المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات فورية لمحاسبة دولة الاحتلال الإسرائيلي تنفيذاً لقرارات الأمم المتحدة والذي كان آخرها القرار 2334 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في العام 2016، ويطالب الدول الأطراف الثالثة بتحمل مسؤولياتها القانونية بإنهاء الاحتلال ومساءلة المسؤولين عن الجرائم التي ترتكب في الإقليم بشكل عام وفي القدس بشكل خاص.