يرحب مجلس منظمات حقوق الانسان الفلسطينية وشبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية بقرار مجلس الامن الدولي رقم (2334) لعام 2016، بشأن استمرار (إسرائيل) في بناء وتوسيع المستوطنات في الأرض المحتلة عام 1967، ويثني على موقف كل من فنزويلا، وماليزيا، والسنغال، ونيوزيلاندا، هذه الدول التي أصرت على اعادة طرح مشروع القرار على مجلس الأمن للتصويت، الأمر الذي يشكل ممارسة فعلية لمسؤولياتها الدولية بموجب القانون الدولي ومبادئ العدالة.
بلا شك، إن صدور هذا القرار في الوقت الذي تكثف فيه (إسرائيل) عملها على توسيع مشروعها الاستعماري – الاحلالي وسعيها مؤخراً الى شرعنة ما يعرف بالبؤر الاستيطانية العشوائية، وإلى إجازة استيلاء المستعمرين والقوات المحتلة على الأراضي الفلسطينية المملوكة ملكية خاصة؛ انما يعبر عن القلق المتزايد لدى المجتمع الدولي من استمرار انتهاك اسرائيل للقانون الدولي والشرعية الدولية.
وعلى الرغم من ان هذا القرار لم يضف إلى القرارت الدولية السابقة، وخصوصاً قرارات مجلس الامن (237) لعام 1967، و(446) لعام 1979، و(465) لعام 1980، إلا أن صدوره بعد أكثر من عقدين عجاف من تراجع العمل الدولي في مواجهة انتهاكات (إسرائيل) للشرعية الدولية ولحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، يعبر عن بداية تحول في الارادة السياسية للدول، ويعيد الامل بإمكانية إنفاذ القانون الدولي. وعليه، فإننا نرى بأن قرار مجلس الامن رقم (2334) يشكل قاعدة يمكن الاستناد عليها لتفعيل الآليات الدولية المختلفة، خصوصاً وأن دولاً نافذة قد صوتت على القرار بينما لم تعارضه الولايات المتحدة، ونؤكد على ما يلي:
- إن إعلان (إسرائيل) رفضها وعدم انصياعها للقرار وتحديها له عبر اجراءات قمعية وغير قانونية؛ بل ومهاجمتها للامم المتحدة والدول منفردة ومجتمعة، لا يجب أن يشكل عاملاً محبطاً للدول والمنظمات الدولية، والمجتمع المدني. إن هذه الغطرسة تعبر عن مدى الحاجة إلى تضافر الجهود الرسمية وغير الرسمية وبلورتها في خطوات عملية لمواجهة الانتهاكات الاسرائيلية المستمرة. إن رفض (إسرائيل) القرار لا يعفي الدول الأخرى من إنفاذ ما يترتب عليها من التزامات بموجب القانون الدولي. وعليه، يجب أن يشكل القرار حافزاً لإعمال الآليات الدولية الكفيلة بإنفاذ الارادة الدولية والقانون.
- إن مطالبة القرار الحالي (إسرائيل) بالوقف الكامل والفوري لأنشطتها الاستيطانية وتحمل التزاماتها القانونية تجاه الأرض المحتلة، بما فيها شرق القدس، لا يجب أن تظل حبيسة القرار أو التصريحات، فعلى الرغم من أن هذه المطالبة لم تبلغ مستوى ما كان مجلس الأمن قد أقره في قراره رقم (465)، حيث طالب (إسرائيل) بتفكيك ما أنشأته من مستوطنات؛ إلا أن صدور القرار بأغلبية 14 صوتاً، وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت، يفتح الباب أمام امكانية تطويره لاتخاذ خطوات عملية لإنفاذه.
- إن اعتبار بناء المستوطنات الإسرائيلية في الأرض المحتلة، بما فيها شرق القدس، إجراء غير شرعي، وإن إدانة ذلك والمطالبة بوقف بنائها، يترتب عليه مسؤوليات دولية قانونية، تشمل من بين ما تشمل، اتخاذ الدول منفردة ومجتمعة إجراءات فعلية لا تقتصر على التمييز ما بين الأرض المحتلة و(إسرائيل) كما جاء في القرار الأخير، بل يجب أن تشمل الامتناع عن تقديم اي نوع من المساعدة لـ (إسرائيل)، والتي قد تستثمر تلك المساعدات من قبلها في مشروعها الاستيطاني كما نص على ذلك القرار (465) لعام 1980.
- إن صدور هذا القرار الأممي بعد أكثر من عقدين من إهمال إنفاذ قرارات دولية سابقة تضمنت نصوصاً وربما آليات أكثر تقدماً من القرار الحالي، بذريعة اتاحة الفرصة لمفاوضات سلام أوسلو، يكشف عن ضرورة تطوير عمل ودور منظمة التحرير الفلسطينية والمجتمع المدني الفلسطيني في متابعة تطوير وتطبيق القرار، عبر تحفيز الدول على الوفاء بالتزاماتها حيال انفاذه، أو على الأقل عدم انتهاكه. وعليه فإن الإنجاز الأكبر في هذا القرار لا يتمثل في نصوصه، بل في أنه يعيد فتح الباب أمام وجوب تحمل الدول منفردة ومجتمعة مسؤولياتها، ووجوب إعادة النظر في استراتيجية التغاضي عن انتهاكات (إسرائيل) بحجة عدم عرقلة عملية السلام. ولعله من الجدير بمكان التأكيد على أن الالتزام بالحل السلمي للصراع لا ينفي وجوب تعزيز آليات المساءلة والمحاسبة الدولية باعتبارها جزء أساسي من عملية احلال السلام العادل والدائم.
- وحتى يشكل القرار (2334) أساساً للمزيد من تطوير الموقف الدولي باتجاه الإقرار دون لبس بحق شعبنا بالحرية والاستقلال والعودة، كما الضغط على (إسرائيل) وفرض عقوبات عليها، فإننا مطالبون بتعزيز العامل الذاتي الفلسطيني في النضال ضد الاحتلال، وعليه نطالب منظمة التحرير الفلسطينية، البناء على هذا الإنجاز، عبر دعوة الاطار القيادي المؤقت للمنظمة لإجراء مراجعة شاملة للوضع الفلسطيني بمجمله، هدفها بلورة استراتيجية وطنية موحدة، وإنهاء الانقسام الكارثي، وإعادة الاعتبار لقضيتنا كقضية تحرر وطني ،وإعادة بناء منظمة التحرير على أسس وطنية ديمقراطية بدءاً بالمجلس الوطني.