تابع مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية باهتمام مجريات وتفاصيل الأحداث التي وقعت في مسرح القصبة مساء يوم السبت الموافق 12/4/2014 خلال الحفل الفني الذي قدمته فرقة “كاتاك” الهندية بدعوة من وزارة الثقافة ضمن فعاليات معرض فلسطين الدولي للكتاب. وبعد استكمال عملية توثيق وجمع الإفادات من عدد من المواطنين المتواجدين داخل قاعة العرض ومن ضمنهم الأشخاص الذين جرى احتجازهم لدى الشرطة برام الله على خلفية الأحداث، والاطلاع على أشرطة الفيديو التي صورتها بعض وسائل الإعلام التي غطت الفعالية وتسجيلات لأشخاص كانوا متواجدين خلال الأحداث التي وقعت وقاموا بتصويرها من خلال هواتفهم النقالة، والـتأكد من سلامة التسجيلات من الناحية التقنية وتغطيتها لذات الحدث في المكان والزمان، والاطلاع على مواقف الجهات الرسمية من مجريات أحداث مسرح القصبة، والتي تظهر بوضوح في أشرطة الفيدو، ومتابعة البيانات الرسمية التي صدرت بهذا الخصوص، فإن مجلس المنظمات يخلص إلى الآتي:
أولاً: خلفية الأحداث ومجرياتها:
في يوم السبت الموافق 12/4/2014، وعند الساعة الثامنة مساءً تقريباً، وهو الموعد المحدد لبدء فعالية الحفل الفني، توجه إلى مسرح القصبة نحو 17 ناشطاً ومناصراً لحملة مقاطعة إسرائيل وفرض العقوبات عليها وسحب الاستثمارات منها والتي تعرف اختصاراً بـــ (BDS) ودخلوا إلى قاعة العرض الواقعة في الطابق الثاني من المسرح، وجلسوا على المقاعد كما باقي الحضور.
بدأ الحفل بكلمة ترحيبية قدمها عريف الحفل وهو ممثل عن وزارة الثقافة، تلاها كلمة عطوفة محافظ رام الله والبيرة د. ليلى غنام، ومن ثم كلمة السفير الهندي لدى دولة فلسطين. وبعد انتهاء كلمة الأخير، رحب عريف الحفل بأعضاء الفرقة الهندية وجرى توزيع الورود على أعضاء الفرقة.
وبعد ذلك، ووفقاً للإفادات وأشرطة الفيديو، وقف منسق حملة مقاطعة إسرائيل زيد عزت الشعيبي (24 عاماً) قائلاً حرفياً ” المقاطعة ما تيجي تعرض مبارح في إسرائيل واليوم تعرض هون والمفروض كانوا يحترموا نداء المقاطعة، ويوقفوا معنا، إحنا مش ضد العروض، بس العروض الفنية اللي بتصير في إسرائيل مش لازم تصير عنا هون عيب إنه هدي الفرقة تعرض مبارح في تل أبيت واليوم تعرض هون وعيب إحنا كفلسطينيين نستقبل هدي الفرق”. وهنا بدأ جدال بين زيد الشعيبي ومحافظ رام الله وتعليق محدود من بعض المتواجدين في المسرح، وتخلل ذلك قيام نشطاء الحملة بترديد هتاف (BDS) وبدؤوا بالخروج من القاعة بعد أن أوصلوا رسالتهم. وبتدقيق مقطع الفيديو في هذا المشهد تحديداً والذي لم يتجاوز بأكمله مدة 20 دقيقة فإن الأمر بقي في حدود الجدل والنقاش ولم يشهد أي عنف أو تجريح من أي طرف تجاه الآخر ولا من النشطاء تجاه أي من الحضور.
بينما كان نشطاء حملة المقاطعة يغادرون قاعة العرض، وقد غادر نصفهم تقريباً القاعة بالفعل كما يُظهر شريط الفيديو، دخل بعد ذلك مباشرة ثلاثة أشخاص بلباس مدني بحوزتهم هواتف لاسلكية وقد بدا لزيد ومَن بقي من النشطاء بحسب إفاداتهم بأنهم من عناصر الأمن، واتجهوا صوب زيد الشعيبي الذي كان على وشك الخروج من القاعة، إذ طلب منه صحفي من تلفزيون فلسطين اليوم إجراء مقابله داخل القاعة فأبلغه بأنه سيغادر القاعة وبإمكانه إجراء المقابلة خارج القاعة، واقترب أحد الأشخاص الثلاثة نحو زيد وطلب منه الخروج من القاعة وإخراج من معه وقال لزيد إني أعرفك من قبل وهدده بالضرب، دون أن يُعرّف هذا الشخص بالزي المدني عن هويته.
في تلك الأثناء، لاحظ زيد وجود أشخاص بلباس مدني يتعرضون لزملائه وهم خارجون من القاعة، وحضر في تلك اللحظة ضابط شرطة باللباس الرسمي وأمسك بزيد من رقبته وانضم إليه الأشخاص الثلاثة وبدؤوا بضرب زيد بأيديهم وركله بأرجلهم في مختلف أنحاء جسمه بصورة عنيفة، وسحبوه بعنف إلى خارج القاعة مع الضرب المستمر من الخلف، في حين أنهم مسيطرون عليه تماماً ولم يبدِ أية مقاومة لعملية اعتقاله، ثم قام أحدهم وهو ذات الشخص الذي هدد زيد بداية بضربه بقبضة يده على وجه فسقطت نظارات زيد عن وجهه وشعر وكأنه لهباً يخرج من عينيه من شدة الضربة، وعندما وصلوا إلى خارج قاعة العرض قام الضابط بتسليم زيد لشرطي آخر وأمسك برقبة زيد بصورة عنيفة، وقام بجره على الدرج واستمر الأشخاص بالزي المدني بضربه بأيديهم على رأسه وظهره وركله بأرجلهم، ورغم إبلاغ زيد الشرطي بأنه يكاد يختنق إلا أن الشرطي ومَن معه لم يكترثوا واستمروا بجره وضربه بعنف إلى أدخلوه بسيارة الشرطة المتوقفة أمام المدخل الرئيس لمسرح القصبة.
خلال عملية الضرب المبرح التي تعرض لها زيد داخل قاعة العرض الواقعة في الطابق الثاني ولغاية المدخل الرئيس لمسرح القصبة حاول عبد الجواد حمايل (25 عاماً) الذي لم يكن مشاركاً في الاحتجاج الطلب من عناصر الأمن عدم استخدام القوة والعنف مع زيد، فقام أحد العناصر بالزي المدني بضرب عبد الجواد بلكمة خلف رأسه وتوجيه ركلة له بين رجليه وحاول دفعه عن الدرج، فتقدم فادي قرعان (25 عاما) الذي لم يكن مشاركاً أيضاً في الاحتجاج وأمسك بعبد الجواد قبل أن يسقط أرضاً، طالباً من العناصر عدم استخدام العنف والقوة، إلا أنه جرى سحب كل من عبد الجواد وفادي إلى خارج المسرح وتخلل ذلك ركل وضرب لكل منهم إلى أن دخل كل منهما إلى سيارة الشرطة. كما وحاول فجر أحمد حرب (32 عاما) الذي كان بجانب زيد خلال عملية الاعتداء على الأخير تهدئة الشرطي دون جدوى فقام الشرطي برفع سلاحه ووجه نحو فجر محاولاً ضربه ولكن فجر ابتعد عنه ولم يصب بأذى وجرى اقتياده إلى سيارة الشرطة فأصبح الشبان الأربعة بداخل السيارة التابعة للشرطة. هذا ويظهر مقطع الفيديو صُراخاً من عناصر الأمن يطلبون فيه من الصحفيين عدم تصوير الأحداث الجارية. وقد استمر برنامج الحفل المقرر وقدمت الفرقة الهندية عروضها على مسرح القصبة.
اعتداء على الطبيبة ديما بركات: أكدت الطبيبة ديما محمد يوسف بركات (40 عاما) في إفادتها الخطية التي أدلت بها بأنها قد ذهبت برفقة زوجها وابنتها لحضور العرض الفني المذكور في مسرح القصبة عند الساعة الثامنة مساءً تقريباً، وأن الاحتفال بدأ بكلمات للمتحدثين وبينهم المحافظ د. ليلى غنام والسفير الهندي، وبعد انتهاء الكلمات بدأ تقديم الفرقة الهندية للجمهور وتكريمها، وعندها وقف شاب من الحضور، لا تعرفه من قبل، ووضح أن هذه الفرقة قدمت عرضاً في “تل أبيب” وأن عرضها اليوم برام الله يخالف معايير المقاطعة، وعندها خرجت الطبيبة وزوجها وابنتها من القاعة ولكنها بحسب إفادتها توقفت على باب المسرح للاطلاع على ما سيجري، وكان عدد من الأشخاص يهتفون (BDS) بصورة سلمية كما أوضحت، ولم يتعرضوا لأي شخص، وقد خرج عدد منهم إلى خارج قاعة العرض فعلاً، وبعد ذلك لاحظت الطبيبة أن هناك أشخاصاً بلباس مدني قد دخلوا إلى المسرح، وبدؤوا يحتكون بمن بقي من الشبان في المسرح وكانوا يمسكون بشخصين أو ثلاثة بتقديرها وسحبوهم على الأدراج إلى باب القاعة السفلية، وبدأت تسمع صراخ الشبان، وبدا لها أنهم يتعرضون للضرب، فخرجت باتجاه المدخل الرئيس وهنا رأت عناصر الشرطة أمام المسرح يسحبون الشبان ويعتدون عليهم بالضرب المبرح، وكانوا يضربوهم الشبان على رؤوسهم وأجزائهم العلوية، وكان هناك عنف كبير، وتم إدخال الشبان إلى داخل سيارة الشرطة المتوقفة أمام مسرح القصبة.
وتضيف الطبيبة ديما بركات بإفادتها الخطية بأنها قد تقدمت باتجاه سيارة الشرطة، وقالت للشرطي بأنها تريد الدخول إلى سيارة الشرطة مع الشبان، وأنها لا تحتمل رؤية الشبان يُضربون بتلك الطريقة العنيفة، فدفعها الشرطي فاختل توازنها ووقعت على الأرض، ونادى على شرطية وقال لها بكلام واضح “جرِّيها” وعندها تقدمت الشرطية بينما الطبيبة على الأرض وأمسكت بذراع الطبيبة وقامت بلي ذراعها بصورة عنيفة ومؤلمة لمدة لا تقل عن خمسة دقائق والدفع بها باتجاه الأرض طوال الوقت، وكانت الطبيبة تقول للشرطية بأن يدها ستنكسر ولكن الشرطية لم تكترث.
بعد ذلك ترك عناصر الشرطة الطبيبة على الأرض، وانطلقوا بالسيارة وبداخلها الشبان الأربعة باتجاه مركز الشرطة، فتقدم عدد من الأشخاص ممن تواجدوا بالمكان باتجاه الطبيبة، ورفعوها عن الأرض، ومع شدة لي الذراع والدفع العنيف طوال الوقت باتجاه الأرض لم تجد الطبيبة نظاراتها التي وقعت على الأرض وكان حذاؤها ملقى على مسافة بعيدة من شدة الدفع، ونبّه المتواجدون بالمكان الطبيبة إلى ضرورة تغطية ملابسها العلوية التي انكشفت من جراء الدفع المتواصل باتجاه الأرض.
اقتياد الشبان الأربعة إلى مركز شرطة رام الله: بحسب الإفادات الخطية للشبان الأربعة زيد الشعيبي وعبد الجواد حمايل وفجر حرب وفادي قرعان، فقد وصلوا إلى مركز شرطة رام الله عند الساعة التاسعة مساء تقريبا، ولم يتعرضوا للضرب خلال عملية نقلهم إلى المركز الشرطة، ولدى وصولهم المركز حاولوا بداية الاستفسار عن كونهم معتقلين رسمياً أم لا وسبب اعتقالهم دون أن يتلقوا رد من الشرطة، وعند الساعة العاشرة والنصف مساء تقريباً أبلغهم نائب مدير المباحث ويدعى صادق بأنهم أمام خيارين إما الإفراج الفوري عنهم مقابل التوقيع على تعهد بالإلتزام بالقوانين السارية وعدم القيام بأعمال شغب مع غرامة مالية حال إخلالهم بذلك أو أنه سيتم إحالتهم للنيابة والقضاء. فقالوا له هل هذا التوقيع هو إجراء قانوني فقال لهم بأن هذا التوقيع مجرد تعهد شكلي ولا يترتب عليه تبعات قانونية فرفضوا بذلك التوقيع على هذا التعهد كونه إجراء غير قانوني حسب إفاداتهم. وعند الساعة الحادية عشرة والنصف ليلاً تقريباً جرى أخذ إفادات الشبان الأربعة كل على حدة، وعند الساعة الثانية عشرة والنصف جرى إحالتهم للخدمات الطبية العسكرية وعادوا إلى مركز الشرطة وأودعوا في نظارة الشرطة، وجرى عرضهم في اليوم التالي على النيابة العامة والقضاء.
الموقف الرسمي الفلسطيني: تُظهر مقاطع الفيديو التي حصلنا عليها خلال الأحداث تصريحاً رسمياً لمحافظ رام الله د. ليلى غنام من على المنصة ولفضائية “فلسطين اليوم” أيضاً جرى بداخل قاعة العرض ترد فيه على احتجاج الشبان في حملة المقاطعة وتقول: “نحن سمعناكم للآخر وبتمنى تسمعوني ما بدنا أعداء لإسرائيل بدنا أصدقاء إلنا يجب أن نعكس صورة لائقة بالشعب الفلسطيني ونضالاته” كما ويُظهر مقطع الفيديو تعقيباً من مراسل الفضائية المذكورة للمحافظ بشأن قيام الشرطة بمصادرة الكاميرا الخاصة بالفضائية فردت عليه المحافظ بأن الكاميرا سوف تعود قريباً مؤكدة بأن المقابلة التي يجريها معها مراسل الفضائية بجواله هي بمثابة تصريح رسمي.
كما وصدر بيان توضيحي عن وزارة الثقافة نشر على الموقع الرسمي لوكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية بتاريخ 13/4/2014 جاء فيه أن النشطاء “قاموا بالاعتداء على عدد من الحضور بالضرب والشاتم، ورغم المناشدات المتكررة من الحضور الرسمي وعريف الحفل بالتزام الهدوء وضرورة التعبير عن الرأي بطريقة ديمقراطية وحضارية دون اللجوء إلى التحريض والشتائم والعنف، إلا أنهم استمروا بكيل الاتهامات جزافاً واللجوء للعنف ضد الحضور، ما اقتضى إخراجهم من قاعة العرض حفاظاً على النظام وسلامة الجمهور”. وقالت الوزارة في بيانها أيضاً بأنها ” اعتذرت في البداية عن استضافة الفرقة الهندية بسبب إقامتها احتفالاً للجالية الهندية في تل أبيب من قبل السفارة الهندية، وأنه بعد توضيح الممثلية الهندية في رام الله أن هذا العرض الفني في تل أبيب لم يكن بالتنسيق مع أية جهة حكومية أو غير حكومية إسرائيلية راجعت وزارة الثقافة موقفها وتبين لها أن دور الفرقة الفني في جولتها لا يندرج في إطار التعريف الوطني والثقافي للتطبيع ما دعا لاستئناف البرنامج الفني وإقامة العرض”.
ثانياً: التوصيف القانوني لأحداث القصبة
يتضح من خلال الاطلاع على مجموع الإفادات الخطية التي قامت مؤسسات مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية بتوثيقها، والاطلاع على أشرطة الفيديو التي سجلت مجريات الأحداث، والاطلاع على البيانات الرسمية الصادرة بهذا الخصوص ما يلي:
ورد في البيان الرسمي الصادر عن وزارة الثقافة والمنشور على الموقع الرسمي لوكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية بأن نشطاء ومناصري حملة مقاطعة إسرائيل (BDS) قاموا بالاعتداء على عدد من الحضور بالضرب والشتائم واستخدام العنف ما اقتضى إخراجهم من قاعة العرض حفاظاً على النظام وسلامة الجمهور. وفي المقابل فإن البيان المذكور لم يذكر تعرض أي من النشطاء للاعتداء من قبل عناصر الأمن الذي أكده الشبان الأربعة الذين جرى احتجازهم وأكده شهود العيان. كما أن محافظ رام الله والبيرة د. ليلى غنام لم تشر في تصريحاتها بأن النشطاء قد قاموا بالاعتداء على الحضور وشتمهم واللجوء إلى العنف. وكذلك، فإن أشرطة الفيديو التي سجلت الأحداث تدحض ما ورد في البيان الصادر عن الوزارة من قيام المذكورين بتلك الأفعال.
يظهر بوضوح من خلال الاطلاع على أشرطة الفيديو التي سجلت مجريات الأحداث بأن ما قام به نشطاء ومناصري حملة مقاطعة إسرائيل (BDS) في قاعة العرض لم يتجاوز حدود حرية الرأي والتعبير المكفولة في القانون الأساسي (المادة 19) والتشريعات ذات الصلة والمكفولة أيضاً في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي انضمت إليه دولة فلسطين مؤخراً. كما أن مبدأ الاعتراض أو الاحتجاج السلمي على القيام بأنشطة وفعاليات لا يشكل بحد ذاته جرماً جزائياً.
إن استخدام القوة من قبل الشرطة وأشخاص باللباس المدني يُعتقد بأنهم من عناصر الأمن لم يكن مبرراً، وبخاصة أن النشطاء بدؤوا بالخروج من قاعة العرض وخرج عدد منهم فعلاً من قاعة العرض قبل تدخل الشرطة وعنصر الأمن، وإن استخدام القوة المفرطة تجاه النشطاء لم يكن له أيّ مبرر على الإطلاق، خاصة وأن أفراد الأمن قد استمروا في استخدام القوة العنيفة رغم انصياع الشبان لأفراد الأمن وعدم إبدائهم لأية مقاومة خلال عملية احتجازهم.
إن الإدعاء بأن الشبان النشطاء في حملة المقاطعة قد قاموا بأعمال “شغب” داخل قاعة العرض هو ادعاء غير مقبول، إذ بالرجوع إلى نصوص قانون العقوبات النافذ وتحديداً نص المادة (164/2) فإن الشغب يعني البدء بتنفيذ غاية تجمهر غير مشروع من أجل الإخلال بالأمن وبصورة مرعبة للأهالي، وبالتالي فإن تعريف “الشغب” الوارد في قانون العقوبات لا ينطبق على الأحداث التي وقعت في قاعة العرض، كما ولا يظهر ذلك إطلاقاً في أشرطة الفيديو التي سجلت مجريات الأحداث.
إن الاعتداء الذي تعرضت له الطبيبة ديما محمد يوسف بركات على يد عناصر الشرطة لم يكن مبرراً على الإطلاق، علماً بأنها لم تكن ضمن نشطاء حملة المقاطعة، بما يدلل على تعمد استخدام القوة المفرطة من قبل الشرطة وعناصر الأمن المتواجدين في أحداث مسرح القصبة.
إن ما قام به عناصر الأمن من مصادرة كاميرا مراسل فضائية فلسطين اليوم والتي كانت تغطي الفعالية وتغطي بذات الوقت الأحداث التي وقعت يشكل اعتداء على حرية الصحافة المكفولة في القانون الأساسي والتشريعات ذات الصلة والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ويعزز من نتيجة استخدام القوة المفرطة من الشرطة وعناصر الأمن في التعامل مع الأحداث.
إن الاستخدام المفرط للقوة من قبل الشرطة وعناصر الأمن الذين تواجدو في مسرح القصبة يشكل انتهاكاً واضحاً وصريحاً للقرار الصادر عن وزير الداخلية الفلسطيني رقم (211) لسنة 2011 بشأن قواعد استخدام القوة من قبل منتسبي الأجهزة الأمنية، والذي أكد صراحة على أن استخدام القوة هو إجراء استثنائي، وأنه يتوجب اعتماد الوسائل غير العنيفة كخيار أساسي في التعامل مع المواطنين، وأنه يتوجب اللجوء إلى استخدام الوسائل غير العنيفة قدر الإمكان وكخطوة أولى قبل اللجوء للقوة، وأنه لا يجوز استخدام القوة إلا عندما تكون الوسائل غير العنيفة غير فعالة، وأن استخدام القوة يكون لتحقيق أهداف مشروعة، وأنه يتوجب الامتثال لمبادىء الضرورة والتناسب والتدرج في استخدام القوة، وأنه يتوجب أن تكون القوة المستخدمة متكافئة وضرورية وبالقدر المطلوب لتحقيق الهدف المشروع، وأنه يتوجب الحفاظ على حقوق الإنسان وحرياته الأساسية. كما أن الاستخدام المفرط للقوة من قبل الشرطة وعناصر الأمن مخالف لمدونة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين الصادرة بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1979.
إن اللجوء إلى احتجاز الشبان الأربعة من قبل عناصر “بالزي المدني” ودون التعريف عن هوياتهم الرسمية يشكل إخلالاً بقواعد السلوك في الأداء الوظيفي وبالتعليمات الصادرة عن وزير الداخلية وبالقرار رقم (211) لسنة 2011 الصادر عن وزير الداخلية بشأن قواعد استخدام القوة.
إن عرض الشرطة على الشبان الأربعة الإفراج عنهم بمجرد التوقيع على تعهد بالالتزام بالقوانين النافذة مع غرامة مالية حال الإخلال يدلل على عدم جدية الاتهامات الموجهة إليهم، وعلى أن استخدام القوة المفرطة في مواجهتهم لم تكن مبررة، وإن مثل تلك التعهدات الخطية بمضمونها لا تندرج ضمن اختصاص جهاز الشرطة وصلاحياتها القانونية، وبالتالي فإن الإصرار على إحالة النشطاء الأربعة للنيابة العامة والقضاء رغم تأكيد الشرطة على أن هذا الإجراء هو مجرد إجراء شكلي، ولمجرد رفض التوقيع عليه، يشير لوجود تعسف من قبل الشرطة في استخدام الصلاحيات.
ثالثاً: الاستنتاجات
بعد عرض خلفية الأحداث وتوصيفها القانوني نخرج إلى الاستنتاجات التالية:
إن استخدام القوة المفرطة من قبل عناصر الشرطة والأمن في أحداث مسرح القصبة تجاه الشبان الأربعة لم يكن مبرراً، وهو مخالف لقواعد السلوك في الأداء، ومخالف لقرار وزير الداخلية بشأن قواعد استخدام القوة ومبرراتها، ويشكل جرماً في القانون الأساسي وقانون العقوبات النافذ.
إن استخدام القوة المفرطة من قبل عناصر الشرطة والأمن في أحداث مسرح القصبة تجاه الطبيبة ديما محمد يوسف بركات، وهي ليست ضمن نشطاء حملة المقاطعة، يدلل على نية استخدام القوة المفرطة بما يخالف قواعد السلوك في الأداء ويخالف قرار وزير الداخلية بشأن قواعد استخدام القوة ومبرراتها، ويشكل جرماً في القانون الأساسي وقانون العقوبات النافذ.
إن مصادرة كاميرا مراسل فضائية فلسطين اليوم والتي كانت تغطي الفعالية وغطت مجريات الأحداث في مسرح القصبة من قبل عناصر الشرطة والأمن يشكل اعتداء على الحريات الصحفية، ويشكل جرماً في القانون الأساسي وقانون العقوبات النافذ.
التوصيات:
عطفاً على الاستنتاجات الواردة وما سبقها من عرض للأحداث وتوصيفها نخرج بالتوصيات التالية:
وجوب مساءلة ومحاسبة عناصر الشرطة والأمن الذين استخدموا القوة المفرطة تجاه الشبان الأربعة في حملة المقاطعة، وتجاه الطبيبة ديما بركات، بدون مبرر قانوني، وخلافاً لأحكام القانون وللتعليمات الصادرة عن وزير الداخلية بهذا الخصوص. ومساءلة ومحاسبة كل من اشترك في ارتكاب هذا الجرم وفقاً لقواعد الإشتراك الجرمي الواردة في قانون العقوبات النافذ.
وجوب احترام حرية الرأي والتعبير والحريات الإعلامية المكفولة في القانون الأساسي والتشريعات ذات الصلة والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واحترام الحق في النقد والاحتجاج والاختلاف أياً كانت طبيعة تلك الآراء، طالما أنها تمارس بسلمية، ولا تشكل جرماً يعاقب عليه القانون، وذلك احتراماً لحقوق المواطنين وحرياتهم المكفولة في التشريعات المحلية والمواثيق الدولية.
يعبّر مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية عن قلقه العميق من تكرار استخدام القوة المفرطة من قبل جهاز الشرطة الفلسطينية، ويؤكد على أهمية وضرورة أخذ عملية الانضمام للاتفاقيات الدولية وما يترتب عليها من التزامات قانونية بجدية في التطبيق على الأرض.