حريات: الصمت الدولي على جرائم المستوطنين يشجع الاحتلال على مزيد من إجراءات الضم والتهجير القسري
تتواصل هجمات المستوطنين بحماية جيش الاحتلال، على المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم، في جميع أرجاء الضفة الغربية المحتلة، وتأتي هذه الهجمات الشرسة والشاملة برعاية رسمية من سلطات الاحتلال التي تسعى إلى تطبيق “سياسة الضم” الفعلي للأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، مما يستدعي تدخل دولي عاجل وفوري ليس فقط لوقف جرائم المستوطنين وجيش الاحتلال، بل أيضاً لوقف إجراءات الضم الفعلية، غير القانونية، التي اتخذتها سلطات الاحتلال وتحديداً في شمال وجنوب الضفة الغربية المحتلة.
يؤكد مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية “حريات”، بأن هناك الكثير من الحقائق التي تؤشر على قرار سلطات الاحتلال نحو تحويل القرى والبلدات والمدن والتجمعات البدوية والرعوية، إلى “كنتونات” منعزلة ومحاصرة، كمقدمة لتهجيرها وتفريغ هذه المناطق من سكانها لصالح المشروع الاستيطاني الاحلالي في الأرض المحتلة عام 1967. ومن أهم هذه المؤشرات مصادقة الهيئة العامة للكنيست بالقراءة التمهيدية، على مشروع قانون ينص على ضمّ مستوطنة “كريات أربع” بالإضافة إلى قرابة (14) مستوطنة وبؤرة استيطانية وأراض في منطقة جنوب الخليل إلى “السيادة الإسرائيلية”. وأيضاً البدء الفعلي بتنفيذ ما نصّ عليه قانون “إلغاء فك الارتباط” في شمال الضفة الغربية، والذي أقر في آذار 2023، مما يعني السماح للمستوطنين بالدخول إلى مناطق عديدة في شمال الضفة الغربية والتواجد فيها، كانت ممنوعة عليهم ضمن القانون المذكور، ومن ضمنها مستوطنات “صانور”، “كاديم”، “غانيم”، و”حوميش” التي تم تفكيكها عام 2005.
يرى “حريات” بأن ما يجري الآن في الضفة الغربية المحتلة، من هجمات منًسقة على يد عصابات منظمة تابعة للحركات الاستيطانية مثل “شبيبة التلال”، ومصادرة الأراضي وتوسيع لمستوطنات وبناء مستوطنات أخرى، وإغلاق طرق رئيسية وفرعية ووضع الحواجز الثابتة والمتنقلة، وسياسة الحصار الاستيطاني المُحكم والخانق من كل الجهات للمناطق الفلسطينية يأتي في سياق دفع السكان إلى الهجرة سواء الداخلية أو الخارجية، والبدء في الضم الفعلي لهذه المناطق بعدد سكان أصليين يقترب من الصفر، ومن يتبقى منهم فهو بحاجة إلى تصريحٍ كي يدخل هذه المناطق كما هو الحال مثلاً في قريتي ظهر المالح وأم الريحان في غرب محافظة جنين.
وفي الوقت الذي يؤكد فيه “حريات” على أن فعل الاستيطان هو جريمة حرب، وأن ما تقوم به سلطات الاحتلال من تهجير قسري، بحق السكان الفلسطينيين فيه مخالفة صريحة لأحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان، وهي أفعال تندرج تحت بند جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، فإن “حريات” يحذر من أن صمت المجتمع الدولي على هذه الأفعال المخالفة للقانون، قد يشجع و/أو يُعطي إشارات لجموع المستوطنين المسلحين والمحميين من جيش الاحتلال لارتكاب مجازر بحق الفلسطينيين العُزل بهدف تهجيرهم قسراً عن أراضيهم وممتلكاتهم.
وبناء على ما سبق فإن “حريات” يدعو إلى:
أولاً: ضرورة قيام أجهزة الأمم المتحدة ذات الاختصاص والصلة، وبشكل فوري وعاجل، بتحمل مسؤولياتها في حماية المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية، لأن مواصلة الصمت على ما يقوم به المستوطنون وجيش الاحتلال يشجعهم على الاستمرار في هجماتهم، وعلى الاستمرار بعملية التهجير القسري والفصل العنصري بحق المواطنين الفلسطينيين.
ثانياً: قيام الأمم المتحدة بتحميل “إسرائيل” المسؤولية الكاملة عن أفعال المستوطنين، التي تصل إلى حد جرائم الحرب، لدعمها وحمايتها لهم أثناء قيامهم بهذه الأفعال، إلى جانب قيامها بتدريب وتسليح هؤلاء المستوطنون.
ثالثاً: ضرورة أن تبادر الدول الأطراف في اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 إلى تحمل مسؤولياتها القانونية طبقاً لأحكام المادة الأولى المشتركة من اتفاقيات جنيف من خلال عقد اجتماع طارئ لاتخاذ ما يلزم من تدابير فعّالة لوضع حد للوجود الاستيطاني واعتداءات المستوطنين المنظمة على المواطنين في الأرض الفلسطينية المحتلة.
رابعاً: دعوة قيام المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق في الجرائم التي يرتكبها المستوطنون بحماية جيش الاحتلال ضد المواطنين الفلسطينيين، سعياً إلى تنفيذ سياسة التهجير القسري والفصل العنصري بحق أصحاب الأرض الأصليين.
خامساً: دعوة المجتمع الدولي لإتخاذ خطوات ملموسة وجادة لوقف اعتداءات المستوطنين وعدم الاكتفاء بالخطوات الخجولة المحدودة التي اتخذتها بعض الدول بهذا الشأن .