يتابع مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية باهتمام بالغ تطورات المشهد الداخلي بشأن الانتخابات العامة 2021 وما آل إليه مصيرها، لاسيما صدور قرار تأجيل الانتخابات التشريعية بعد رفض الاحتلال الإسرائيلي إجرائها في مدنية القدس. وفيما يُذكر “مجلس المنظمات” بأهمية عقد الانتخابات وتجديد الشرعية للنظام السياسي الفلسطيني، فإنه يُعبر عن خيبة أمله من صمت المجتمع الدولي حيال تنكر دولة الاحتلال الإسرائيلي لحق القدس وأهلها من المشاركة في الانتخابات أسوة ببقية المحافظات.
يؤكد “مجلس المنظمات” على أن الانتخابات هي واحدة من وسائل ممارسة الحق الدستوري في المشاركة السياسية، والطريقة الديمقراطية الرئيسية لتجديد النظام السياسي الفلسطيني وشرعيته، بما يُمكن الشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة من اختيار رئيسه وممثليه في المجلس التشريعي، بعد تآكل الشرعية الشعبية والدستورية لمؤسستي الرئاسة والمجلس التشريعي منذ انتهاء ولايتها بعد انتخابات عام 2005 و2006.
ويرى “مجلس المنظمات” في إجراء الانتخابات العامة في مدنية القدس، تسجيلاً وترشيحاً ودعايةً واقترعاً، موقفاً وطنياً جامعاً، يتطلب توافقاً وطنياً حول سُبل تحقيقه وفق رؤية وطنية تستند للحق الفلسطيني في السيادة على مدينة القدس، وعدم رهن إجراء الانتخابات العامة “التشريعية والرئاسية” بموافقة الاحتلال الإسرائيلي، بما يشمل التوافق على الإجراءات التي يجب تبنيها لتمكين المقدسيين من المشاركة في الانتخابات رغم منع الاحتلال لإجرائها بما يجعل من مدنية القدس عنواناً للنضال ووحدة الموقف الفلسطيني، وتأكيداً لسيادة الفلسطينيين على القدس وكافة الأرض الفلسطينية المحتلة.
ويستهجن “مجلس المنظمات” مواقف الاتحاد الأوربي والدول المتعاقدة على اتفاقيات جنيف والأمم المتحدة من منع إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، من إجراء الانتخابات في مدنية القدس، وعدم قيامها بمسؤوليتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي لمنعها من عرقلة إجراء الانتخابات العامة الفلسطينية بما في ذلك في مدنية القدس. ويشدد “المجلس” على أن هذا الموقف يعكس تحلل تلك الدول من مسؤوليتها بموجب القانون الدولي، والتماهي مع سياسات الاحتلال بفرض سياسات أمر واقع خلافاً للقانون.
ويعبر “مجلس المنظمات” عن أسفه لحالة التفرد في القرار الوطني، وخاصة المتعلق بإجراء الانتخابات، واتخاذ منع الاحتلال الإسرائيلي لإجراء الانتخابات في مدنية القدس ذريعة لتأجيل الانتخابات دون سقف محدد أو الغائها، وبخاصة في ظل عدم إجراء أي حوار حقيقي يضم كافة مكونات المجتمع الفلسطيني، بما فيها القوائم الانتخابية المترشحة للانتخابات التشريعية والمجتمع المدني، واقتصار الحوار مع مجموعة من القوى التي لا تعبر عن جميع مكونات المجتمع الفلسطيني، في وقت عبرت فيه مكونات أخرى، بما فيها منظمات مجتمع مدني وعديد من القوى عن رفضها لتأجيل الانتخابات.
ويؤكد “مجلس المنظمات” على ضرورة إجراء الانتخابات العامة وتحديد موعد جديد قريب لإجرائها، بما يساهم في تجديد شرعية المؤسسات التي تآكلت منذ الانقسام السياسي، ويمكّن جيلاً كاملاً حُرم من حقه في المشاركة السياسية، وإعادة الاعتبار إلى المؤسسة التشريعية التي ساهم غيابها في ترهل النظام السياسي وتغول السلطة التنفيذية على كافة مفاصل الحياة، وجعلها مدخلاً حقيقياً لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية بكافة تجلياتها الوطنية والمؤسساتية، بما يمكن النظام السياسي من مواجهة التحديات التي يفرضها استمرار الاستعمار الإسرائيلي وسياساته الهادفة إلى تنفيذ صفقة القرن وضم المزيد من الأرض الفلسطينية.
ويدعو “مجلس المنظمات” منظمات المجتمع المدني كافة، والقوى والاتحادات والنقابات والائتلافات والكتل المترشحة للانتخابات إلى حوار واسع، للاتفاق على رؤية شاملة اتجاه الاستحقاق الدستوري بإجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية، وتبني رؤية جامعة اتجاه اجراء الانتخابات في مدنية القدس باعتبارها عنوان لوحدة الموقف الفلسطيني وجعلها عنواناً لكافة مراحل الصراع مع الاحتلال.