رام الله| وفا – أسيل الأخرس
فارس بارود، وعمر يونس، ونصار طقاطقة، وبسام السايح، واليوم سامي أبو دياك، شهداء الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال منذ مطلع العام الجاري 2019، وآخرون معرضون لمواجهة نفس المصير، وتبقى اتفاقية جنيف بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي حبرا على ورق.
فحسب نادي الأسير، فمنذ العام 1967، استشهد من الحركة الاسيرة داخل سجون الاحتلال 222 أسيرا بينهم (67) بسبب سياسة الإهمال الطبي المتعمد، وعدد آخر اُستشهد بعد الإفراج عنهم بفترات قليلة، جراء معاناتهم الصحية.
“الشهيد ابو دياك، ضحية الاهمال الطبي المتعمد، وغياب الفحص الطبي، والظروف الاعتقالية غير الملائمة من مأكل وملبس وتهوية، بالاضافة الى المماطلة في اجراء العمليات الجراحية التي تؤدي الى تفاقم الوضع الصحي للأسرى والتي تخالف بها سلطات الاحتلال ظروف الاعتقال المنصوص عليها في اتفاقية جنيف”، هذا ما أكده مدير مركز الدفاع عن الحريات حلمي الأعرج.
وأكد الأعرج الذي بادر مركزه الى تشكيل اللجنة الوطنية لانقاذ حياة الأسرى المرضى، وجود 297 حالة مرضية جدية، 50 منها تواجه خطرا حقيقيا، كمرضى السرطان والقلب والكلى والشلل، منوها إلى وجود 16 حالة في سجن الرملة.
وتابع، ان ادارة السجون تنظر للأسرى كـ “ارهابيين”، ما يستدعي قتلهم بدل علاجهم، حيث تمارس عليهم التعذيب والإعدام البطيء، موضحا ان اللجنة الوطنية خاطبت من خلال وزارة الخارجية ومنظمة التحرير، الأمين العام للأمم المتحدة والمؤسسات الدولية والصليب الاحمر للضغط على اسرائيل للافراج عن الاسير ابو دياك والاسرى المرضى. وان الصليب الاحمر راسل سلطات الاحتلال لاطلاق سراحه الا انها رفضت ذلك، ما يؤكد ان جريمتها بحق الاسير ابو دياك مع سبق الاصرار.
وأشار إلى ان ما ينطبق على الاسرى هي اتفاقية جنيف الرابعة والتي تحمي الشعب الواقع تحت الاحتلال، وأن الجمعية العمومية للأمم المتحدة طالبت بتوفير الحماية القانونية للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، كما طالبت منظمة الصحة العالمية الحكومة الاسرائيلية باطلاق سراح الحالات الصعبة وتشكيل لجنة تقصي حقائق، وتقديم العلاج اللازم للأسرى المرضى داخل السجون.
وأكد ان الاسرى المرضى يتلقون مسكنات للألم من قبل ممرضين كعلاج، وذلك لعدم توفر اطباء الا مرة بالاسبوع ولعدم اجراء فحوصات للأسرى، حيث يكتفي الطبيب باجراء الفحص الخارجي للمريض، وفي حال تدهور الوضع الطبي للأسير يتم نقلة عبر “البوسطة” بكل ما تشكله من معاناة الى مستشفى “الرملة”.
ولفت الى القرار الذي اتخذته الكنيست في ديسمبر من العام 2018 والقاضي بمنع الإفراج المبكر عن أسرى فلسطينيين من سجون الاحتلال، أو تخفيض ثلث محكوميتهم، والذي بموجبه قتل الأسيران السايح ابو دياك.
وطالب بضرورة دعوة الاطراف السامية المتعاقدة في اتفاقية جنيف لبحث ملف جرائم الاحتلال بحق الأسرى التي تنتهك الاتفاقية. مؤكدا ان اللجنة ستواصل التحرك الدولي لحماية الاسرى المرضى وملاحقة ومساءلة الاحتلال على جرائمه بحقهم في المؤسسات الدولية.
من جهته قال رئيس الإدارة العامة للأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة وحقوق الإنسان في وزارة الخارجية والمغتربين عمر عوض الله، إن اعتقال الاسير أبو دياك تعسفي، حيث سبب الاعتقال سياسي واحتجز بظروف صحية صعبة أدت الى تدهور حالته الصحية، وان اسرائيل تعارض بذلك ما جاء في اتفاقية جنيف الرابعة، والثالثة، والقانون الدولي لحقوق الانسان الذي يتحدث عن الحق في الصحة والحصول على العلاج اللائق والحق في الحياة.
وأضاف، ان اسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال تتعمد الاهمال الطبي وانتهاك حقوق الاسرى من اجل اعدامهم وقتلهم خارج القانون. مؤكدا ان الجرائم الاسرائيلية بحق شعبنا لن تمر، وان القيادة السياسية ومن خلال ادواتها الدبلوماسية والقانونية تعمل لوضع حد لجرائم اسرائيل ومساءلتها من اجل إنصاف شعبنا.
وعن دور الوزراة في هذا الخصوص قال: “خاطبت الوزراة المفوضة السامية لحقوق الانسان والآليات التعاقدية في جنيف لمجلس حقوق الانسان، والمقررين الخاصين بالحق في الصحة، والمقرر الخاص لحالة حقوق الانسان في الارض المحتلة، كما خاطب الوزير الصليب الاحمر من اجل الافراج عن الاسير ابو دياك”.
ودعا عوض الله المجتمع الدولي لتنفيذ قراراته خاصة التي تحدثت عن لجنة تقصي حقائق من منظمة الصحة العالمية للاطلاع على اوضاع الاسرى والاسرى المرضى والنظر في الجريمة التي ارتكبتها في اعدام ابو دياك.
ولفت الى ان مجلس وزراء الخارجية العرب دعا لعقد اجتماع للدول السامية الاطراف في اتفاقية جنيف والذي ستطلبه فلسطين بدعم من الدول العربية لمحاسبة الاحتلال الإسرائيلي على ممارسته تجاه الشعب الفلسطيني.
ولم تتوقف سياسة الاحتلال في الإهمال الطبي، إنما تجبِر ذوي الأسرى على دفع تكاليف علاج أبنائهم في سجون الاحتلال، رغم أن القانون يفرض عليها توفير العلاج الكامل لهم، علماً أنه وبعد عام 2015 اعتقلت قوات الاحتلال العشرات من الجرحى، وما زال غالبيتهم بحاجة إلى علاج حثيث، نذكر منهم الأسيرة إسراء الجعابيص.
يشار الى ان اتفاقية جنيف الخاصة بحماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، والمعروفة باسم اتفاقية جنيف الرابعة واعتمدت في أغسطس 1949 وتحدد الحماية الإنسانية للمدنيين، “تنص على ضرورة توفير ظروف اعتقال صحية للاسرى وتوفير الرعاية الطبية لهم”.