تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي حصارها المشدد المفروض على قطاع غزة للعام (14) على التوالي، وتحرم بموجبه سكان القطاع من حقهم في حرية الحركة والتنقل داخل الأرض الفلسطينية المحتلة نفسها أو منها إلى العالم الخارجي، كما تمنع عودتهم الطبيعية عبر المعابر التي تسيطر عليها.
وبعد إغلاق معبر رفح البري لليوم الثالث على التوالي فإن الخطر يواجه الكثيرين من سكان قطاع غزة مشكلات حقيقية، ولاسيما وأن آلاف المغتربين العاملين في الخارج والطلبة الدارسين في الجامعات خارج الأراضي الفلسطينية عادوا لزيارة القطاع عبر معبر رفح البري، وبعد إغلاقه فإن مصير عملهم ودراستهم أصبح مجهولاً، بل إن بعض الأسر قد تتشتت بفقدان بعض أعضائها إقاماتهم الخارجية، مما سيشتت شمل الأسرة الواحدة، هذا بالإضافة إلى المرضى الذين يحوّلون للعلاج في المستشفيات خارج قطاع غزة. ناهيكم عن أن الإغلاق المفاجئ لمعبر رفح ترك المئات عالقين على الجانب المصري في ظروف بالغة القسوة حيث يفتقر بعضهم للأموال اللازمة للإقامة الطارئة وغير المتوقعة.
الجدير ذكره أن سلطات الاحتلال دمرت مطار غزة الدولي ومنعت إنشاء ميناء، وتغلق المعابر والحدود كما شاءت وتمنع سكان قطاع غزة كافة من السفر منذ أربعة عشر عاماً، حتى أولئك الذين يحصلون على تصريح للمرور إلى الضفة الفلسطينية أو الأردن، فإن تصريح مرورهم يذيل بملاحظة أنهم منحوا التصريح رغم المنع.
وتحول القيود المفروضة على حرية التنقل دون تمتع الفلسطينيين بطائفة واسعة من حقوق الإنسان الأخرى، بحيث تعد حرية التنقل شرطاً مسبقاً وضرورياً للتمتع بطائفة واسعة من الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وتعتمد ممارسة بعض الحقوق، كالحق في العمل والصحة والتعليم، والحق في جمع شمل الأسرة في كثير من الأحيان على قدرة الإنسان على التنقل بحرية واختيار مكان الإقامة. وتشير الوقائع على الأرض إلى أن القيود على حرية التنقل لم تقتصر على انتهاكها للحق في حرية الحركة والتنقل بل شكلت أساساً لانتهاك طائفة واسعة من حقوق الإنسان ولاسيما الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وتقع على عاتق سلطات الاحتلال التزامات واضحة بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. فبموجب القانون الدولي الإنساني، تحتفظ السلطة القائمة بالاحتلال بالتزامات واضحة لحماية السكان من عواقب الحرب بما في ذلك حقهم في مغادرة البلد وفقاً لنص المادتين (35، 48) من اتفاقية جنيف الرابعة. كما تحمي المادة (12) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية حق الإنسان في حرية التنقل والحركة بما في ذلك مغادرة بلده. هذا بالإضافة إلى كون هذه القيود تأتي في إطار سياسة التمييز العنصري والعقوبات الجماعية التي يحظرها القانون الدولي الإنساني والتي تواصل سلطات الاحتلال إيقاعها على سكان قطاع غزة.
مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية يطالب المجتمع الدولي بتحرك عاجل وفاعل لإنهاء حصار غزة، وإلى حين تحقيق ذلك فإنه ملزم بالضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي لتمكين سكان قطاع غزة من مغادرته والعودة إليه متى شاءوا.
وفي هذا السياق يناشد المجلس الإخوة في جمهورية مصر العربية بالعمل على تأمين وصول ومغادرة العالقين على جانبي الحدود، سيما وأن قرار إغلاق معبر رفح كان مفاجئاً.