في 16 يوليو 2020، قدّم البروفيسور “مايكل لينك”، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، تقريره السنوي حول سياسة العقاب الجماعي التي تتبعها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في الدورة العادية الرابعة والأربعين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وفيه شددّ “لينك” على أن إسرائيل فشلت في الوفاء بالتزاماتها القانونية، ولجأت إلى سياسة العقاب الجماعي باعتبارها “أداة بارزة من أدواتها القسرية للتحكم في السكان.” وفي نهاية التقرير، قدم لينك مجموعة من التوصيات داعيًا إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، إلى “إنهاء جميع تدابير العقاب الجماعي بما في ذلك إنهاء الإغلاق الإسرائيلي على غزة، ورفع جميع القيود المفروضة على حرية التنقل في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة، والتوقف عن هدم المنازل كإجراء عقابي، ووقف ممارسات سحب الإقامة [الدائمة في القدس] وقطع الإعانات وإغلاق البلدات كإجراءات عقابية، ووضع حد للتأخر في تسليم جثامين الفلسطينيين تمهيدًا لدفنها.”
لذا ترحب مؤسساتنا بهذا التقرير الذي ركز على سياسة من سياسات إسرائيل المستمرة – والمتبعة منذ زمن – في فرض عقوبات جماعية على الفلسطينيين/ات بغرض فرض السيطرة والهيمنة والحفاظ على نظامي الاستعمار الاستياطاني والفصل العنصري الإسرائيلي. التقرير، الذي قدّم تحليلًا قانونيًا موسعًا بشأن هذه العقوبات الجماعية، أكدّ على عدم شرعية الممارسات والسياسات التي تنتهجها إسرائيل بحق الفلسطينيين/ات، بما فيها سياسات العقاب الجماعي. كما أن التقرير أشار إلى سياسة إسرائيل في شرعنة اللاقانوني، حيث أنه تطرق لدور المحاكم الإسرائيلية في شرعنت ممارسات العقاب الجماعي الإسرائيلي، بما في ذلك عمليات الهدم العقابية واحتجاز الجثامين.
في ختام تقريره، أكد “لينك” على “أن العقاب الجماعي -في جميع الحالات- محظور بموجب القانون الدولي، ولا توجد استثناءات مسموح بها لاستخدام العقاب الجماعي في القانون، إذ ينتهك العقاب الجماعي القانون والأخلاق والكرامة والعدالة ويلطخ كل من يمارسه”. وبالتالي، قدّم المقرر الخاص مجموعة من التوصيات الهامة لمجلس حقوق الإنسان، التي من شأنها الاسهام في وضع حد للجرائم الإسرائيلية انطلاقا من حث إسرائيل على الامتثال للقانون الدولي ووضع حد كامل وسريع لاحتلالها للأرض الفلسطينية منذ 53 عامًا. كان “لينك” قد أوصى المجتمع الدولي أيضا بضرورة “اتخاذ جميع التدابير، بما في ذلك التدابير المضادة والعقوبات، اللازمة لضمان احترام إسرائيل لواجبها بموجب القانون الدولي لإنهاء الاحتلال،” تماشيًا مع التزامات المجتمع الدولي القانونية التي تخص مسؤولية الدول.
كثيرًا ما أدان المجتمع الدولي سياسة العقاب الجماعي التي تتبعها إسرائيل، إلا أن الاستجابة نادرّا ما ارتفعت فوق مستوى الإدانة اللفظية. فالمقرر الخاص، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وأمناء عامين سابقين للأمم المتحدة، والمفوضة السامية لحقوق الإنسان، والهيئات المنشأة بموجب معاهدات، جميعهم سبق ودعوا إسرائيل، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، إلى وضح حد لسياسات العقاب الجماعي غير القانونية التي تمارسها، وفي مراجعة الاستعراض الدوري الشامل لسجل إسرائيل الحقوقي أمام المجلس في 2018، دعت العديد من الدول الأعضاء، بما في ذلك ألمانيا وناميبيا وماليزيا، إسرائيل إلى وضع حد للعقاب الجماعي.
في ظل استمرار معاناة الفلسطينيين/ات في تحمل انتهاكات ممنهجة وواسعة النطاق لحقوق الإنسان تُرتكب مع الإفلات التام من العقاب. فإن مؤسساتنا تحث على تطبيق العدالة الدولية والمساءلة عن الجرائم المشتبه في ارتكابها ضد الشعب الفلسطيني، بما في ذلك من خلال المحكمة الجنائية الدولية. كما تدعو مؤسساتنا الدول (الأطراف الثالثة) إلى اتخاذ تدابير وإجراءات فعّالة لوضع حد لسياسات العقاب الجماعي غير القانونية وغير الإنسانية التي تتبعها إسرائيل، وإفلات إسرائيل من العقاب، بما في ذلك العقوبات والتدابير المضادة، مما يسمح للعدالة والمساءلة أن تسود.