عقد مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية “حريات ” مؤتمراً في إطار فعاليات اختتام مشروع مواجهة عنف المستوطنين ضد حرية حركة النساء في محافظات الضفة الغربية الممول من قبل القنصلية العامة الفرنسية، وتضمن المشروع تدريب مجموعات نسوية على مهارات الإسعاف الأولي، وتوثيق الانتهاكات وفق المعايير الدولية للتوثيق وتشكيل لجان نسوية بالتنسيق مع المجالس المحلية في كل من البلدات، بيتا، كفر الديك، ياسوف، عين قينيا، المغير، وبرقة، وهذه المناطق تتعرص باستمرار لاعتداءات المستوطنين بحماية جيش الاحتلال.
تحدث مدير مركز حريات الأستاذ حلمي الأعرج ، عن ضرورة تحرك المجتمع الدولي لوقف اعتداءات المستوطنين وإنهاء وجود الاستيطان تنفيذاً لقرارات الشرعية الدولية، وفتوى محكمة العدل الدولية التي نصت على إنهاء الاحتلال ، وحث الدول الأطراف الثالثة المتعاقدة على اتفاقيات جنيف على تحمل مسؤولياتها اتجاه احترام حقوق الفلسطينيين وحمايتهم، بعد ارتكاب جيش الاحتلال جريمة الإبادة الجماعية بحق أهلنا في قطاع غزة ، وأشاد بدور المجتمع المدني العالمي الذي يشهد صحوة كبيرة تجسدت في الوقوف إلى جانب حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في الخلاص من الاحتلال، مع ذلك الاعتداءات على الشعب الفلسطيني لم تتوقف من قبل المستوطنين المدربين من قبل جيش الاحتلال و الذين يعملون في صفوفه جنوداً وضباطاً، وأكد أن على العالم أن ينظر بعمق أكثر لما يجري في الضفة الغربية بما فيها القدس، حيث أن المستوطنين الذين يبلغ عددهم 750000 يمارسون دور القمع الممنهج اتجاه المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم، وأكد على أهمية وقوف أحرار العالم إلى جانب حق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
أكد الدكتور حنا نخلة متحدثاً باسم وزارة شؤون المرأة، على أهمية تسليط الضوء على المناطق التي على خط المواجهة الأول وهي البلدات والقرى الفلسطينية المحاذية للمستوطنات ، وعلى تعزيز الشراكة بين الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني، وذكر أن وزارة شؤون المرأة اطلقت المرصد الوطني للعنف الاقتصادي والاجتماعي بهدف تسليط الضوء على عنف الاحتلال، وأشار ان المنظومة الدولية فشلت في توفير الحماية للشعب الفلسطيني وفي مقدمتهم النساء في المناطق التي تم استحداثها بفعل الاستيطان ، وأكد على دور وزارة شؤون المرأة التي تعمل على مسارات عدة لتوفير الحماية للنساء من عنف الاحتلال من خلال ترأسها لجنة المرأة في جامعة الدول العربية والعمل مع منظمة التعاون الإسلامي ، وأيضاً المشاركة في أعمال مجلس حقوق الإنسان، و إصدار القرار الأخير من المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي نص على حماية النساء تحت الاحتلال ، وذكر أن شهر أكتوبر هو ذكرى مرور 25 عام على إصدار قرار مجلس الأمن 1325 “أجندة المرأة والسلام والأمن”، حيث تم اطلاق الجيل الثالث لهذه الأجندة بالتركيز في المرحلة الأولى على الضغط والمناصرة وأيضاً رصد وتوثيق الانتهاكات وفق المعايير الدولية وتشكيل لجان الحماية للنساء في المناطق المستهدفة من قبل المستوطنين و في المرحلة الثانية توفير التمكين الاجتماعي والاقتصادي للنساء في هذه المناطق التي تم استهدافها في المرحلة الأولى .
وأفادت رنا سنان مديرة البرامج في مركز حريات، أن توقيت تنفيذ المشروع مهم جداً نتيجة تزايد هجمات المستوطنين في السنوات الأخيرة وتحديداً بعد أحداث السابع من أكتوبر عام 2023، وأكدت أن المشروع عبارة عن مبادرة لتسليط الضوء على الاعتداءات المستمرة للمستوطنين في سياق البحث عن الوسائل لدعم النساء في المناطق المستهدفة، حيث اعتمد المشروع على محورين أساسيان الأول دعم قدرات النساء بالتركيز الاستجابة السريعة من خلال تدريبهن على مهارات الإسعاف الأولي بهدف استخدامه هذه المهارات بحالات الطوارئ ، المحور الثاني تدريب النساء على الرصد والتوثيق وفق المعايير الدولية بهدف إبراز انتهاكات المستوطنين حيث أن كثيراً من الاعتداءات لا تظهر على وسائل الاعلام، وذكرت أن أهمية هذا المشروع تجاوزت النتائج، عندما عزز مفهوم الحماية من الداخل بعد أن أصبحت النساء قادرات على توفير الحماية الجزئية في محيطهن الاجتماعي، وهناك مزيد من العمل المطلوب لتوفير الحماية للنساء، وتقدمت بالشكر للقنصلية الفرنسية ممول هذا المشروع كذلك الشكر للنساء المشاركات في البرامج التدريبية، عضوات اللجان النسوية للإسعاف الأولي والتوثيق في البلدات المستهدفة.
بدوره وجه الأستاذ أمين أبو عليا رئيس مجلس قروي المغير، التحية والاحترام لمن قاموا على إنجاح المؤتمر وعلى تقديم ما استطاعوا لتعزيز صمود المواطنين على الأرض، وأكد على دور المرأة الفلسطينية في النضال ووصفها بأنها مدرسة في الصمود والتحدي ودفعت الغالي والنفيس في مواجهة التحديات القائمة، وذكر أن الجميع يسمع عن المعاناة التي تعيشها بلدة المغير، هذه القرية الزراعية المسالمة التي تبعد 35 كم وتقع شرق رام الله بمساحة 53 ألف دونم والقرية لها حاجز وحيد على القرية، وصرح بأنه يوم أمس اعتدى أحد المستوطنين على بعض الفتية في القرية من خلال اطلاق النار عليهم، وبعد ذلك قام جنود جيش الاحتلال بإطلاق النار عليهم مرة أخرى مما أدى إلى سقوط جريحين تم اختطافهم من مكان الحادث من قبل الأهالي ونقلهم إلى المشفى، وأضاف أن قرية المغير هي نموذج للكل الفلسطيني وتتعرض بشكل دائم لسياسات الهدم والحصار و تدمير الممتلكات واعتقال المواطنين وذلك بهدف تنفيذ الترحيل القسري وإجبار الفلسطينيين على ذلك.
وأكد الأستاذ أمين بأن المستوطنين جزء من المنظومة الأمنية لسلطات الاحتلال ويحملون رتب عسكرية داخل جيش الاحتلال، حيث يحمي جيش الاحتلال المستوطنين في كافة أعمالهم العدائية العنيفة ضد المواطنين وممتلكاتهم وأضاف أنه تم حصر قرية المغير بمساحة 950 متر مربع يمنع على المواطنين الخروج منها ، وذكر أن مواطنين قرية المغير نموذجاً رائعاً للدفاع عن القرية في أوقات مواجهة الاعتداءات، وأشار إلى الاعتداء على المواطنة أم صالح قبل عدة أيام، أثناء قطفها الزيتون في أرضها، حيث تم تصوير حادثة الاعتداء عليها من مستوطن قام بضربها بعصى على رأسها وذكر أن التصوير التوثيقي للحادثة أفاد بشكل كبير لفضح الانتهاك الذي تعرضت له الأخت أم صالح التي وجه لها التحية باسم المشاركين في المؤتمر.
بدوره ذكر الأستاذ عبد الغني موسى ممثل رئيس مجلس محلي كفر الديك، أن مساحة بلدة كفر الديك 19 ألف دونم 87% من هذه المساحة مناطق ج ، 13% مصنفة أ، وأن اعتداءات المستوطنين وجيش الاحتلال دائمة على البلدة، وأشار أنه في هذا اليوم وأثناء انعقاد المؤتمر تم الاعتداء على مواطن أثناء قطف الزيتون في أرضه، واستعرض أهمية توفير أدوات لتوثيق الانتهاكات لاستخدامها من الناحية العملية، وذكر أن جيش الاحتلال الإسرائيلي حاصر البلدة في مطلع العام الجاري وخلال الحصار نفذ الجنود عمليات استيلاء على المنازل واستخدموها ثكنات عسكرية حيث استمر الحصار مدة 8 أيام وما رافقها من الجوع والعطش والتخريب والدخول على البيوت وتكسيرها، وذكر أن 98% من بيوت البلدة تم دخولها من جنود جيش الاحتلال الذين عاثوا بها فساداً.
أشادت إحدى المستفيدات من المشروع الأستاذة رانيا شبيب من بلدة برقة قضاء نابلس بمركز الدفاع عن الحريات لتوفير فرصة لتدريب النساء في البلدة على مواجهة التحديات الناتجة عن عنف المستوطنين وأضافت أن برقة تقع أسفل مستوطنة حومش وأنها تسكن بجانبها على بعد 200 متر فقط، وأشادت بفكرة العمل للدفاع عن حقوق الإنسان، ودعت لتطوير فكرة المشروع أكثر من خلال التوثيق المباشر، كذلك الأستاذة آمال خضر من بلدة بيتا بدورها، ذكرت بأن النساء شريكات في الصمود وقالت أن وجودها اليوم في المؤتمر كشاهدة من الميدان ومن العمل في قلب العاصفة حيث أنها لم تكن تعلم أثناء التدريب على الإسعاف الأولي والتوثيق وزميلاتها أنهن كانوا يتحضرون لواقع مرير في مواجهة الخطر الحقيقي المتجسد باعتداءات لا تتوقف في جبل العرمة وجبل صبيح في مواجهة قطعان المستوطنين، وكذلك وجهت التحية لرئيس بلدية بيتا الأستاذ محمود برهم الذي لم يسلم من قبضة المستوطنين حيث تعرض للاعتداء نتج عنه كسور في اليد والأرجل وتكسير سيارته وأشارت أن غيابه اليوم عن حضور المؤتمر وحضورنا هو اعلان عن صمود البلدة في مواجهة الاعتداءات خصوصاً في موسم الزيتون الذي تحول من موسم الخير إلى موسم دماء نتيجة تعرض المزارعين إلى الاعتداءات أثناء منعهم من الوصول الى أرضهم للدفاع عن الأرض والعرض.
مركز الدفاع عن الحريات
30/10/2025