ينظر مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية بقلق إزاء تزايد أعداد المعتقلين الإداريين في سجون الاحتلال الإسرائيلي في ظل تصاعد الانتهاكات المقترفة بحقهم وتدهور ظروفهم المعيشية، ويحذر المجلس من استمرار استخدام سياسة الاعتقال الإداري بحق النشطاء الفلسطينيين، والتي تشكل خرقاً فاضحاً للقانون الدولي الإنساني ومبادئ حقوق الإنسان، ويحرم المعتقلين من شروط المحاكمة العادلة بحجة المواد السرية. كما يحذر المجلس من تدهور الحالة الصحية للمعتقلين الإداريين المضربين عن الطعام احتجاجاً على استمرار اعتقالهم إدارياً.
وبحسب معلومات مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية، فقد بلغ عدد الفلسطينيين المعتقلين إدارياً حالياً (414) معتقلاً، بينهم (6) من أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني.
ويُذكِر المجلس بالإضراب المفتوح عن الطعام الذي خاضه المعتقلون الإداريون منذ نيسان/ إبريل 2014 ضد تلك السياسة، وكان عددهم حينها (185) معتقلاً، إلا أنه وبعد العدوان الأخير على قطاع غزة في تموز/ يوليو من العام ذاته، وما سبقه من حملة عسكرية في الضفة الغربية، ارتفع عدد المعتقلين الإداريين إلى (554) معتقلاً.
وتستخدم دولة الاحتلال الإسرائيلي سياسة الاعتقال الإداري في مساومة المعتقلين الفلسطينيين، وأسلوب ممنهج في سبيل الضغط عليهم، وهو ما يعكس التعسف في استخدام الاعتقال الاداري وسهولة تكييف القوانين والاجراءات للاغراض السياسية بحجة المواد السرية. وفي هذا الاطار، كانت قوات الاحتلال قد اعتقلت الناشط الفلسطيني خضر عدنان بتاريخ 08 تموز/ يوليو 2014، وأصدرت بحقه أمراً بالاعتقال الإداري لمدة 6 أشهر، ومن ثم مددت المدة لـ 6 أشهر إضافية، وحين أعلن عدنان إضرابه عن الطعام الذي استمر لثمانية أيام رفضاً لسياسة الاعتقال في كانون ثاني/ يناير 2015، قصرت المحكمة العسكرية المدة إلى 4 أشهر. وبعد انقضاء الشهور الأربعة، جددت المحكمة اعتقاله لأربعة شهور إضافية، فعاود عدنان وأعلن إضرابه المفتوح عن الطعام منذ 06 أيار/ مايو الماضي، وأعلن مقاطعته للمحاكم العسكرية ولم يحضر جلسة المراجعة القضائية التي انعقدت بتاريخ 09 أيار/ مايو الماضي. يُشار إلى أن عدنان كان قد خاض إضراباً مفتوحاً عن الطعام استمر مدة 66 يوماً في العام 2012، رفضاً لاعتقاله إدارياً، حيث أُفرج عنه في 17 نيسان/ أبريل 2012. كما يخوض ثلاثة معتقلين آخرون إضراباً عن الطعام احتجاجاً على السياسة ذاتها أو لظروف اعتقال غير انسانية أخرى، وهم كل من: 1) المعتقل محمد الأقرع، وبدأ إضرابه بتاريخ 17 أيار/ مايو 2015؛ 2) المعتقل حمزة صواوين، وبدأ إضرابه بتاريخ 18 أيار/ مايو 2015، احتجاجاً على عزله انفرادياً؛ و3) المعتقل محمد رشدان، وبدأ إضرابه بتاريخ 21 أيار/ مايو 2015 احتجاجاً على منع عائلته من زيارته.
وفي سياق ما سبق، فإن مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية يؤكد على أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تمعن في استخدام سياسة الاعتقال الإداري، وبشكل ممنهج وواسع النطاق، كوسيلة لمعاقبة الفلسطينيين وممارسة الضغوط عليهم. كما يؤكد على أن تلك السياسة تأتي بغرض إدامة سيطرة دولة الاحتلال على الشعب الفلسطيني والحيلولة دون ممارسته حقه في تقرير المصير، كما تستخدمه قوات الاحتلال كورقة مقايضة والمعتقلين الإداريين كرهائن لتحقيق أهداف سياسية لدولة الاحتلال.
وكانت قوات الاحتلال قد شرعت بأعمال الاعتقال الإداري منذ العام 1967، حيث أصدرت منذ ذلك الوقت ما يزيد عن (50000) أمر اعتقال إداري، 24 ألفا منها ما بين العام 2000 حتى العام 2014، وذلك رغم ما تشكله من انتهاك صارخ لنص المادة (78) من اتفاقية جنيف الرابعة، وحق المعتقلين الإداريين في التمتع بضمانات المحاكمة العادلة أمام محكمة مشكلة تشكيلاً قانونياً، وحقهم في التمتع بالضمانات الأساسية التي نصت عليها المادة (75) من البرتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف. كما تشكل ممارسة قوات الاحتلال لسياسة الاعتقال الإداري كعقاب بحق المدنيين الفلسطينيين مخالفة جسيمة لاتفاقيات جنيف الأربع الموقعة 19 آب 1949 بموجب المادة (147)، وترقى لاعتبارها جريمة ضد الإنسانية بموجب المادة (7) وجريمة حرب بموجب المادة (8) من ميثاق روما الأساسي.
مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية إذ ينظر بقلق إزاء تزايد أعداد المعتقلين الإداريين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، فإنه:
يؤكد على أن أعمال الاعتقال الإداري تشكل خرقاً فاضحاً للقانون الدولي الإنساني ومبادئ حقوق الإنسان، وتحرم المعتقلين من شروط المحاكمة العادلة بحجة المواد السرية.
يحذر من تدهور الحالة الصحية للمعتقلين الإداريين المضربين عن الطعام احتجاجاً على استمرار اعتقالهم إدارياً.
يدعو المجتمع الدولي للتحرك الفوري لوقف جرائم الاحتلال المستمرة في الأرض الفلسطينية المحتلة، ومن بينها سياسة الاعتقال الإداري.
يجدد مطالبته للأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة الوفاء بالتزاماتها الواردة في المادة الأولى من الاتفاقية والتي تتعهد بموجبها بأن تحترم الاتفاقية وأن تكفل احترامها في جميع الأحوال، كذلك التزاماتها الواردة في المادة 146 من الاتفاقية بملاحقة المتهمين باقتراف مخالفات جسيمة للاتفاقية، علماً بأن هذه الانتهاكات تعد جرائم حرب وفقاً للمادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين وبموجب البروتوكول الإضافي الأول للاتفاقية في ضمان حق الحماية للمدنيين الفلسطينيين في الأرض المحتلة.