أكد رئيس الوزراء رامي الحمد الله، إن القيادة وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، ستحمل قضية الأسرى إلى كافة المحافل الدولية والمؤسسات الحقوقية، من أجل توفير الحماية لهم، ووضع حد لسياسة المماطلة والإهمال الطبي المتعمد، وضمان السماح للجان طبية دولية مختصة ومحايدة لتولي مسؤولية تقديم العلاج الفوري والمناسب للمرضى منهم.
ودعا الحمد الله، خلال المؤتمر الوطني السنوي بعنوان ‘المسؤولية الدولية السياسية والقانونية والأخلاقية لإنقاذ حياة الأسرى المرضى في سجون الاحتلال’، الذي نظمه مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية ‘حريات’، بالشراكة مع وزارة شؤون الأسرى والمحررين، والهيئة العليا، ونادي الأسير، في رام الله اليوم الأربعاء، إلى فتح سجون الاحتلال للمراقبة الدولية الحقوقية للاطلاع على طبيعة الرعاية الصحية التي تقدم للأسرى المرضى، وعلى ما يجري داخل هذه السجون، خاصة أقسام التحقيق.
قال إن الجهد الأساسي في هذه المرحلة سينصب على ضمان إطلاق كافة الأسرى المرضى دون أي شرط أو تمييز، كمقدمة لإطلاق سراح جميع الأسرى.
وأضاف أن المرحلة الحالية تتطلب توحيد الجهد الشعبي والرسمي لتسليط مزيد من الضوء على الظلم الذي يلحق بالأسرى وذويهم وبشعبنا بأكمله، وعلى ما يعانيه آلاف الأسرى داخل سجون الاحتلال، من اعتقال إداري غير مشروع، وإهمال طبي، وعزل، وتعذيب ومعاملة قاسية، ويلزمنا جميعا بمتابعة حشد المزيد من الدعم الدولي للإقرار بحقوق الأسرى ومكانتهم التي تؤكدها كافة المواثيق والمعاهدات الدولية.
وشدد الحمد الله على ضرورة حشد هذا الإجماع المحلي والدولي للدفاع عن الأسرى المرضى في سجون الاحتلال، والذين يصل عددهم إلى 1500 أسير يتهددهم الموت، ومنهم من يحتاج إلى إجراء عمليات جراحية عاجلة، وحالات أخرى تعاني السرطان والفشل الكلوي، والإعاقات الكلية والجزئية، حيث تتعمد إدارة مصلحة السجون سياسة الإهمال الطبي بحقهم، وتماطل في تقديم العلاج المناسب لهم، كما تواصل سلطات الاحتلال اعتقال عدد من الأسرى المرضى في ظروف صحية وإنسانية متردية في ما يسمى عيادة سجن الرملة.
وقال رئيس مجلس إدارة مركز حريات تيسير الزبري، خلال المؤتمر، إن المركز يعطي أهمية مضاعفة للأسرى المرضى، من خلال التعاون مع وزارة شؤون الأسرى، والمؤسسات التي المعنية بالدفاع عن الأسرى المرضى.
وأوضح أن 5 آلاف أسير يقبعون في سجون الاحتلال، من ضمنهم 800 حالة مرضية، وغالبيتهم مصابون بالسرطان والشلل والسكري، والتي أدت العام الماضي إلى سقوط خمسة شهداء، بسبب الإهمال الطبي من قبل إدارة مصلحة سجون الاحتلال.
وقال الزبري إن قضية الأسرى المرضى لا يجب أن تخضع لمرحلة تفاوضية طويلة، لأن هذا يؤدي إلى تدهور أوضاعهم الصحية، مشيرا إلى ضرورة متابعة أوضاعهم مع المؤسسات والمنظمات الدولية، بما فيها منظمة الصحة العالمية، والعمل على فضح الممارسات اللاإنسانية التي تمارسها سلطات الاحتلال بحقهم.
وطالب الهيئات المحلية ومؤسسات المجتمع المدني بإيجاد وسائل فعالة للدفاع عن الأسرى، مثمنا الدور الذي تقوم به القيادة الفلسطينية والمؤسسات في سبيل استرجاع جثامين الشهداء الذين تحتجزهم إسرائيل في مقابر الأرقام.
بدوره، أكد وزير شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، أن الأشهر الستة الماضية شهدت تزايدا كبيرا في أعداد الأسرى المرضى، خاصة الإصابات بالأورام السرطانية الخبيثة، ما يعني أن السجون تحولت إلى وباء لزرع الأمراض في أجساد الأسرى، وقتلهم ببطء.
وأبدى قراقع خوفا على الأسرى المرضى، قائلا إننا مقبلون على مرحلة صعبة قد يسقط فيها شهداء جدد بسبب عدم توفر العلاج، ومنهم من وصل إلى مرحلة متقدمة من المرض، ما لم يتم التحرك العاجل والفوري لإنقاذ حياتهم، وفي ظل عدم التعاطي الجدي من قبل المحكمة العليا الإسرائيلية مع الطلبات والالتماسات للإفراج عنهم.
وأشار إلى أن إسرائيل تتعمد الإفراج عن الأسرى بعد أن يكونوا قد وصلوا إلى مرحلة يصبح معها العلاج غير مجد، مثلما حصل مع الأسير نعيم الشوامرة من مدينة الخليل، والذي فقد القدرة على النطق والمشي وأصبح عاجزا بشكل كلي، معتبرا أن هذا المؤتمر هو بمثابة توجيه إنذار للمؤسسات الدولية والإنسانية وهيئات الأمم المتحدة، بالتدخل لوقف الجريمة المنظمة بحق الأسرى.
وأكد قراقع أن الشهر المقبل سيشهد قدوم لجنة تقصي الحقائق المنبثقة عن البرلمان الأوروبي، حيث من المقرر أن يسمح لها بزيارة السجون، والاطلاع على أوضاعهم، موضحا أنه سيتم توجيه طلب للجنة من أجل زيارة مستشفى سجن الرملة، الذي يقبع فيه أسرى يتألمون ليل نهار بسبب المرض.
وقال: ‘أتمنى أن تقوم اللجنة بإلزام إسرائيل بتنفيذ المواثيق الدولية وإنقاذ الأسرى والمساعدة في تحسين أوضاعهم المعيشية. اقترح أن يكون الثاني من نيسان/ ابريل وهو ذكرى استشهاد الأسير ميسرة أبو حمدية، يوما وطنيا عالميا للتضامن مع الأسرى المرضى، يتضمن مؤتمرا دوليا لتصل الرسالة إلى المجتمع الدولي‘.
وأوصى قراقع بضرورة إغلاق مستشفى سجن الرملة واستمرار طرح القضية في المحافل الدولية، قائلا إن هناك سياسة جديدة لدى إسرائيل بإجبار الأسير المريض على دفع ثمن العلاج، مثلما حصل مع الأسير ناهض الأقرع الذي طالبته إسرائيل بدفع ثمن أطراف اصطناعية.
وفي كلمة أهالي الأسرى، قال رامي عريدي شقيق الأسير سامي، إن حالة من الألم والخوف تنتاب أهالي الأسرى خاصة ذوي المرضى، الذين يعيشون في قلق دائم وأزمة متفاقمة، إلى أن وصل الأمر من خشية سماع نشرات الأخبار التي قد تحمل الفاجعة التي يخشونها.
وأضاف أن الأسرى المرضى في سجون الاحتلال أصبحوا ضحايا للإهمال الطبي، إلى أن وصل الأمر ليكون بمثابة إعدام جماعي ممنهج من خلال الأخطاء الطبية المقصودة والمتكررة، ناهيك عن التجارب الطبية المستخدمة في أجساد الأسرى.
وأشاد بجهود القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، والمؤسسات الفاعلة في ذات الإطار، لمساندة ودعم قضية الأسرى المرضى، والسعي من أجل الإفراج عنهم.
بدوره، قال رئيس نادي الأسير قدورة فارس، إن العملية السياسية نجحت في إجبار إسرائيل على الإفراج عن الأسرى القدامى، حيث أن شعبنا بانتظار الدفعة الرابعة في آذار المقبل، داعيا إلى إيجاد حلول للإفراج عن الأسرى المرضى.
وأكد فارس أن المطلوب بعد إنهاء مرحلة التفاوض السياسية، التوجه للمنظمات والاتفاقيات الدولية، وتفعيل دور القيادات الوطنية في حملة لمقاطعة الاحتلال الإسرائيلي، والإعلان عن انتفاضة سلمية تضامنية مع الأسرى المرضى في سجون الاحتلال.
وقال: على إسرائيل رفع يدها عن حياة الأسرى، داعيا المجتمع الدولي لتغيير خطابه مع إسرائيل التي تضرب بعرض الحائط نداءاته بتحسين وضع الأسرى، والإفراج عن المرضى منهم.
من جانبه، دعا رئيس الهيئة العليا لمتابعة شؤون الأسرى والمحررين أمين شومان، لوجود سجلات معلوماتية، تضم أسماء الأسرى المرضى وأوضاعهم الصحية وآليات العلاج التي تقدم لهم، وإعطاء أرقام دقيقة عنهم، بالإضافة إلى توسيع دائرة الحملة الشعبية والإعلامية التضامنية معهم، ولفضح ممارسات الاحتلال بحقهم.
وطالب المجتمع الدولي، بتحمل مسؤولياته تجاه ما يجري للأسرى، وإجبار إسرائيل على إجراء فحوصات دورية لإنقاذ حياتهم.
واستعرض وزير الصحة السابق الدكتور هاني عابدين، نتائج زيارته ولقاءاته بالأسرى المرضى في سجون الاحتلال، ومن ضمنهم معتصم رداد المصاب بالسرطان، والذي يعيش وضعا صحيا خطيرا، مشيرا إلى أن الأسرى المرضى يحضرون للفحص مكبلي الأيدي والأرجل.
وأشار عابدين إلى أن الأطباء المشرفين على الأسرى يفتقرون للخبرة وتشخيص المرض وآليات العلاج، مشيرا إلى أن تعامل الأطباء في السجون مع الأسرى الفلسطينيين سيء وغير لائق، كما أن الموافقة على طلبنا لزيارة السجون تستغرق أكثر من أربعة أشهر.
وحول وضع الأسير رداد، قال عابدين إنه يعاني من شحوب وهزال، وإسهال شديد يرافقه نزيف دم حاد، بالإضافة إلى أنه فقد ما يزيد على 20 كيلوغراما من وزنه، ولا يستطيع الوقوف على قدميه مدة طويلة، ويعاني من ارتفاع شديد في ضغط الدم.
وطالب بوجود أرشيف للأسرى المرضى ومتابعته أسبوعيا، وتدوين كل المعلومات الجديدة عليه، ومتابعته مع المؤسسات الحقوقية والدولية.
وفي السياق ذاته، أكد مدير مركز حريات حلمي الأعرج، أن تسليط الضوء على قضية الأسرى يساهم في فضح ممارسات الاحتلال، فيما يتعلق بالإهمال الطبي المتعمد، داعيا إلى توحيد كافة الجهود الرسمية والشعبية والأهلية لنصرة قضية الأسرى المرضى.
ولفت إلى أن التحركات الدولية تجاه قضية الأسرى غير ملموسة، داعيا المستوى السياسي إلى تحويل قضيتهم إلى رأي عام، مثلما حصل مع الأسرى القدامى.
وحذر إسرائيل في حال تلاعبت بأسماء الأسرى القدامى المنوي الإفراج عنهم في الدفعة الرابعة، باللجوء إلى المؤسسات الدولية، بالإضافة إلى توجيه طلب لهيئات الأمم المتحدة، بتشكيل لجنة طبية دولية للأسرى المرضى.