بقلم حلمي الأعرج
تواصل مصلحة السجون الإسرائيلية هجومها على حقوق الحركة الأسيرة ومنجزاتها في مختلف السجون ضمن سياسة مدروسة وممنهجة ودون اكتراث لأي متغيرات سياسية مهما كان شأنها ولسان حالها يقول أن مهمتها الدائمة التي لا تتوقف تتمثل في تصميمها على كسر شوكة الحركة الأسيرة والنيل من إرادتها من خلال فرض سلسلة من الإجراءات والعقوبات الجماعية بحقها وتضييق الخناق اليومي عليها بشكل منافي لكل الاتفاقيات والمواثيق الدولية وللائحة الداخلية لمصلحة السجون التي تحدد حقوق الأسرى وتنظمها.
وليس أدل على ذلك من الاعتداء الذي قامت به إدارة سجن عوفر قبل أيام على الأسرى عندما اقتحمت قوات نحشون ومتسادا المدججة بالسلاح ومدافع الغاز معززة بالكلاب البوليسية التي نهشت وعضت أكثر من ستين أسيراً على خلفية التفتيش الليلي العاري والمذل والذي تحاول فرضه إدارات السجون على الأسرى كذلك عقاب أسرى سجن شطه وتشتيتهم على مختلف السجون في محاول لإرباك الأسرى ومنع حالة الاستقرار والتنظيم في حياتهم وأيضاً، اقتحام سجن هداريم وريمون ومصادرة الممتلكات الشخصية للأسرى ونقل وعزل عدد منهم ومواصلة حرمان أسرى غزة وغيرهم من أسرى الضفة من زيارة عائلاتهم.
إن هذه السياسة اليومية التي تنتهك وتعتدي بشكل فظ على حقوق الأسرى ومنجزاتهم من جهة والاعتقالات اليومية المتواصلة بحق المواطنين الفلسطينيين إنما تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك إن الحكومة الإسرائيلية تضرب بعرض الحائط ليس فقط الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي كفلت للأسرى حقوقهم إنما أيضاً لا تعير أي اهتمام لعودة مسار المفاوضات المباشرة مع م.ت.ف والسلطة الوطنية الفلسطينية الأمر الذي يعني أن السلطة لم تستخلص الدروس والعبر من اتفاق أوسلو الذي ترك قضية الأسرى لبوادر حسن النية للحكومات الإسرائيلية وبسبب هذه السياسة ما زال أكثر من 308 أسرى معتقلين قبل توقيع اتفاقيات أوسلو يرزخون خلف قضبان السجون. والأهم من ذلك أنه على أبواب انطلاقة هذه المفاوضات يتم الاعتداء السافر على الأسرى وتنتهك حقوقهم بتحدّ فظ وغير مسبوق لتتكرر عودة المأساة ويستمر الأسرى وذويهم بدفع ثمن هذه السياسة علماً أن المطلوب كان وما زال من أجل إنصاف هؤلاء المناضلين ونصرة قضيتهم العادلة عدم العودة للمفاوضات المباشرة وغير المباشرة إلا بالإفراج الفوري عن قدامى الأسرى وجدولة الإفراج عن جميع الأسرى دون قيد أو شرط أو تمييز كمقدمة لهذه المفاوضات وليس كنتيجة لها حتى لا تقع في الخطأ التاريخي مرتين.
وفي ذات الوقت المطلوب من أهالي الأسرى وذويهم وعائلاتهم ومن القوى والمؤسسات وجميع أبناء شعبنا تفعيل الحركة الجماهيرية وتنظيم الفعاليات المساندة للأسرى والمطالبة بالإفراج عنهم وعدم الوقوف موقف المتفرج بانتظار حسن النوايا للحكومة الإسرائيلية لكي لا يظل يشعر الأسرى والأسيرات أنهم المنسيون في المفاوضات ومن المجتمع الفلسطيني على حد سواء.