(ورقة حقائق) أوضاع الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال منذ السابع من أكتوبر 2023 - مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية

(ورقة حقائق) أوضاع الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال منذ السابع من أكتوبر 2023

122 Views

أوضاع الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال منذ السابع من أكتوبر 2023

(ورقة حقائق)

أولا: تمهيد

منذ السابع من أكتوبر 2023، تواصل القوة القائمة بالاحتلال “إسرائيل” عدوانها الحربي على الأرض المحتلة عام 1967، وتركز عدوانها بشكل أساسي على قطاع غزة، حيث تستمر وبشكل متواصل وعنيف قصف قطاع غزة جواً، وبراً، وبحراً، مستهدفة المدنيين والأعيان المدنية المحمية بموجب القانون الدولي الإنساني، وقد وصل عدد ضحايا هذا العدوان حتى العاشر من فبراير 2024، إلى (28,064) شهيداً/ة، حوالي (70%) منهم من النساء والأطفال، ووصل عدد المفقودين إلى أكثر من (8,000) شخص، في حين بلغ عدد المصابين حوالي (67,611) مصاباً/ة[1]. وفي الضفة الغربية، وصل عدد الشهداء منذ السابع من أكتوبر إلى (388) شهيداً/ة، وأكثر من (4,400) مصاباً/ة[2].

منذ السابع من أكتوبر تقوم “إسرائيل” بحملة اعتقالات واسعة في الضفة الغربية، ووصل عدد الأسيرات والأسرى الذين تم اعتقالهم ضمن هذه الفترة ما يفوق (6,950) أسير/ة[3]، بمن فيهم النساء والأطفال وكبار السن، ومعظم من يتم ابقائهم قيد الاعتقال، يخضعون للاعتقال الإداري، وهناك عدد من الأسرى لا يعلمون شيئاً عن وضعهم القانوني أو مدة توقيفهم بسبب القيود المفروضة على زيارات المحامين.

ولا يوجد إحصاءات دقيقة حول عدد الأسرى/ات الذين قامت “إسرائيل” باعتقالهم من قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر2023، ولا عن أماكن احتجازهم ولا عن ظروف اعتقالهم، ولكن بعض التقديرات تتحدث عن قرابة (2,000) أسير/ة بمن فيهم أطفال، منهم (1,700-1,800) اعتقلوا من داخل قطاع غزة. تعتبرهم “إسرائيل” مقاتلين غير شرعيين، يخضعون مباشرة للجيش وليس لمصلحة السجون، وتمنع “إسرائيل” حتى اليوم أي تواصل معهم ولا تُصرّح بأسمائهم أو ظروف أو اماكن احتجازهم، ولا يسمح لهم بأي تمثيل قانوني وممنوعين من لقاء محام، حيث تتبع معهم سياسة الإخفاء القسري، والتي تعتبر جريمة حرب لا تسقط بالتقادم[4].

تتعامل “إسرائيل” مع معتقلي قطاع غزة وفق قانون “المقاتلين غير الشرعيين” الذي أقرته الكنيست عام 2002، وتم إجراء عدة تعديلات عليه، كان آخرها بعد السابع من أكتوبر 2023، ووفق تفسيرات النيابة العسكرية، فإن هذه الشريحة لا ينطبق عليها أحكام اتفاقيات جنيف، وبذلك فإن المسار القانوني الذي يمرون به خلال فترة اعتقالهم ليس المسار القانوني المعروف ولن يتم الإفراج عنهم مع نهاية العدوان الحربي الإسرائيلي.

هذه المعطيات حول كيفية تعامل “إسرائيل” مع أسرى وأسيرات قطاع غزة عكست نفسها على الأرض مباشرة، ومشاهد الاعتقال المهينة واللا إنسانية التي انتشرت عبر الصور ومقاطع الفيديو تُبين حجم الجريمة التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق هؤلاء الأسرى الذي يتم تجريدهم من ملابسهم بشكل كامل أثناء الاعتقال وتعصيب أعينهم وتقييد أيديهم إلى الخلف ووضعهم في شاحنات بطريقة مهينة جداً، ونقلهم إلى مكان مجهول.

وتؤكد شهادات لمعتقلين تم إطلاق سراحهم وإعادتهم إلى قطاع غزة على فظاعة الظروف التي اعتقلوا بها والتنكيل الممنهج والتعذيب الذي تعرضوا له. وتحدثوا عن “رحلة العذاب إلى جهنم والعودة منها”، وتشمل الانتهاكات وفق شهادات المُفرج عنهم ربط للجدار ساعاتٍ طويلة، ضرب بكافة أنحاء الجسد، إطفاء سجائر على رقابهم وظهورهم، تقييد وتعصيب عيون طيلة ساعات النهار، قيام جنود بالتبول عليهم واستعمال ضربات كهربائية ضدهم، بصق داخل فمهم، منع النوم عنهم، منع الطعام والذهاب للمرحاض واضطرارهم للتبويل على أنفسهم[5].

ثانياً: أعداد الأسرى والأسيرات

حتى نهاية العام 2023[6]، وصل عدد الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال إلى (8,308) أسير/ة، منهم (578) أسيراً محكوماً بالمؤبد أو أكثر، و(91) أسيراً محكوماً ما فوق (30) عاماً وما دون المؤبد، و(139) أسيراً محكوماً ما بين (25-30) عاماً، و(208) أسرى محكومين ما بين (20-25) عاماً، و(133) أسيراً محكوماً ما بين (15-20) عاماً، و(162) أسيراً محكوماً ما بين (10-15) عاماً، و(244) أسيراً محكوماً ما بين (5-10) أعوام.

وفيما يخص الأسرى الإداريين فإنه وحتى نهاية العام 2023، وصل عددهم إلى (3,288) أسير/ة، منهم (8) أسرى وأسيرات إداريين أمضوا في الاعتقال الإداري أكثر من (24) شهراً، و(95) أسيراً وأسيرة إداريين أمضوا في الاعتقال الإداري حتى (24) شهراً، و(316) أسيراً وأسيرة إداريين أمضوا في الاعتقال الإداري حتى (18) شهراً، و(513) أسيراً وأسيرة إداريين أمضوا في الاعتقال الإداري حتى (12) شهراً، و(224) أسيراً وأسيرة إداريين أمضوا في الاعتقال الإداري حتى (6) شهور. هناك (2,022) أسيراً وأسيرة إداريين أمضوا في الاعتقال الإداري حتى 03) شهور، وهؤلاء غالباً تم اعتقالهم بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

وتشير بيانات هيئة شؤون الأسرى والمحررين[7] حتى تاريخ السابع من فبراير الحالي، بأن العدد الإجمالي للأسرى في سجون الاحتلال وصل إلى (8,800)، منهم (70) أسيرة، و(200) طفل، وأكثر من (800) أسير مريض، و(3,290) معتقلاً إدارياً. ويبلغ عدد الأسرى والأسيرات التي تم اعتقالهم بعد السابع من أكتوبر 2023، (6,950) أسير/ة، منهم قرابة (400) طفل، و(215) امرأة، وأصدرت محاكم الاحتلال (3,000) أمر اعتقال إداري تتراوح ما بين أوامر اعتقال جديدة، وأوامر تجديد الاعتقال الإداري.

وتبين توثيقات مركز “حريات” بأن حملات الاعتقال التي قام بها جيش الاحتلال منذ بدء عدوانه الحربي على الأرض الفلسطينية المحتلة، استهدفت جميع الفئات، من كبار السن والأطفال، والنساء، والشباب، والجرحى، ومحررين سابقين، والناشطين السياسيين والاجتماعيين، ومهنيين منهم حقوقيين، وصحفيين، ومعلمين، وأطباء، وأكاديميين وغيرهم.

ثالثاً: تعليق العمل بكل اللوائح والأنظمة التي تتعلق بشروط حياة الأسرى

مع بداية العام 2023، أجرت “إسرائيل” عدة تعديلات على قانون السجون، كما أصدرت مجموعة من الأوامر العسكرية بهدف التضييق على الأسرى في سجونها، حيث سمحت هذه الإجراءات لإدارات السجون بعدم الالتزام بمساحة العيش المقررة لكل أسير وهي (4.5) م2، وسمحت هذه الإجراءات باحتجاز الأسرى بدون أسِرّة في حال عدم توفرها، وانعكس ذلك سلباً على أوضاع الأسرى من حيث الاكتظاظ الكبير في الغرف، بالإضافة إلى اضطرار الأسرى للنوم على الأرض.

بعد السابع من أكتوبر، وفي سياق التضييق على حياة الأسرى، أصدر ما يسمى بـــــ “قائد المنطقة” أمراً عسكرياً مؤقتاً رقم (2148) الذي سمح بتمديد مدة إصدار أمر الاعتقال من (3) أيام الى (6) أيام، كما تم تمديد فترة المراجعة القضائية لأوامر الاعتقال الإداري إلى (12) يوماً بدلاً من (8) أيام. كما عملت “إسرائيل” على تفعيل المادة (33) من الأمر العسكري رقم (1651)، والتي تنص على إجراءات الاعتقال “في حملة عسكرية لمواجهة الإرهاب” والتي تتيح اعتقال الشخص لمدة (8) أيام قبل عرضه على المحكمة بدلًا من (4) أيام.

كما قامت “إسرائيل” بتعليق العمل بكل اللوائح والأنظمة التي تتعلق بشروط حياة الأسرى، والتي جاءت بموجب القانون الإسرائيلي الذي يتيح الاستناد إلى قانون الطوارئ، والذي يتيح تعليق العمل ببعض أو بكل ما يتعلق بالحقوق، المتعلقة بزيارات الأهل، والمحامين، وكمية ونوعية الطعام، والأغطية والملابس، واستخدام المياه، والكنتين، ومدة الفسحة “الفورة”، والاستفادة من الخدمات الطبية، وغيرها من حقوق انتزعها الأسرى عبر نضالات طويلة وشاقة.

في 16/أكتوبر 2023، قامت مصلحة السجون الإسرائيلية بتعليق العمل باللوائح الناظمة لحياة الأسرى وبدأت بتفعيل قانون الطوارئ، حيث أعلنت مفوضة مصلحة السجون اللواء كاتي بيري بأنه “في ضوء الوضع الأمني ​​الاستثنائي الذي يسود دولة إسرائيل خلال الحرب،…، وبالرغم مما ورد في كل اللوائح الناظمة لحياة الأسرى حسب القانون، سيتم تخفيض شروط الحياة إلى ما دون الحد الأدنى و/أو سيتم إلغاء كافة الأنشطة،…، ويظل هذا الأمر ساري المفعول من يوم نشره وحتى 29/10/2023، أو حتى يتم اتخاذ أي قرار آخر، أو أيهما يأتي أولاً”[8]. وبحكم أن القانون يتيح لمفوضة مصلحة السجون تجديد هذا الأمر بشكل دوري، دون تحديد عدد مرات التجديد، فإنه ولغاية الآن لا زال هذا الأمر سارياً.

رابعاً: ظروف الأسر بعد السابع من أكتوبر

منذ السابع من أكتوبر 2023، زادت معاناة الأسرى داخل سجون الاحتلال، حيث تتبع مصلحة السجون سياسة انتقامية بحق الأسرى قائمة على التنكيل والعقاب بهدف كسر إرادتهم، وإعادة الأوضاع في المعتقلات إلى ما كانت عليه في بدايات الاحتلال عام 1967. وبناءً على المعلومات المتوفرة لدى “حريات”[9]، فإن هناك اكتظاظ عالٍ داخل السجون، وتشديد كبير جداً لظروف الاعتقال تمس بشكل كبير بكرامة الأسرى وإنسانيتهم. وأن الأسرى منقطعين بشكل كامل عن العالم الخارجي، ويتعرضون للتجويع، والتنكيل والتعذيب المستمر، والبرد القارص، وغياب الرعاية الطبية ومستلزمات النظافة الشخصية بشكل كامل، وقد أدت هذه الظروف اللاإنسانية إلى استشهاد (7) أسرى. وبشكل عام يمكن تشخيص أهم الممارسات بحق الأسرى داخل السجون على النحو التالي:

  • غياب الرعاية الصحية

يعاني الأسرى من غياب أي نوع من العلاج أو الرعاية الصحية، وتَعْمد مصلحة السجون إلى منع تقديمها، ولا يتم تقديم الادوية إلا في حالات قليلة جداً واستثنائية، وبعد مماطلات، حيث يحصل الأسرى في أحسن الأحوال على “قرص أكامول”. كما تمتنع مصلحة السجون عن تقديم أي رعاية أو أدوية خاصة للأسرى الذين هم بحاجة إلى رعاية ومتابعة طبية دورية، أو أنواع خاصة من الأدوية، مما أدى إلى استشهاد الأسير عرفات ياسر حمدان، الذي تعرض لنوبة سكر، ورفضت الإدارة تقديم العلاج له مما أدى إلى استشهاده أمام أعين زملاءه في غرفة المعتقل[10]، وكذلك الشهيد محمد أحمد الصبار الذي استشهد نتيجة لغياب الرعاية الصحية وبذلك يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى ثمانية شهداء.

  • التنكيل والتعذيب

منذ السابع من أكتوبر 2023، يتعرض الأسرى أفراداً ومجموعات إلى التعذيب والتنكيل بشكل يومي، بالإضافة إلى قيام السجانين بممارسات لا أخلاقية والتحرش بالمعتقلين لفظياً وجسدياً. كما يتم اقتحام الغرف والأقسام، وغالباً ما يصحب هذا الاقتحام إطلاق الغاز السام، وقنابل الصوت، والرصاص المطاطي، وإدخال الكلاب البوليسية، ويتم سحب الأسرى بطريقة وحشية إلى خارج الغرف، وضربهم وهم مكبلي الأيدي إلى الخلف، عدا عن الإهانات ومحاولات الإذلال وبخاصة أثناء الاعتقال والنقل والتحقيق.

  • العزل عن العالم الخارجي

منذ السابع من أكتوبر 2023، صادرت مصلحة السجون جميع وسائل الاتصال من داخل الغرف والأقسام، بما في ذلك أجهزة التلفزيون والراديو، ومنعت الصحف، وسحبت الكتب والأقلام. ومنعت التواصل بين الغرف في القسم الواحد، أو التواصل ما بين الأقسام، وقللت من مدة الفسحة “الفورة” لتصبح دقائق معدودات، وفي بعض الأيام لا يُسمح للأسرى بأخذ هذه الفسحة، والتي تكون لكل غرفة على حدى، وبمعزل عن غرف الأسرى الأخرى. كما منعت زيارة الأهالي، وزيارات ممثلي اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

  • التجويع

السمة العامة داخل السجون هو أن الأسرى يشعرون بالجوع الدائم، حيث أن وجبات الطعام التي تُقدم لهم خالية من اللحوم، وغير كافية من حيث الكمية، ورديئة جداً من حيث النوعية، وقد تكون أحياناً المواد المستخدمة في إعداد الوجبات منتهية الصلاحية أو فاسدة، مما يتسبب بحالات اسهال وتسمم لدى الأسرى، ومنهم من يمتنع لعدة أيام عن إدخال الطعام إلى جسمه نتيجة الروائح المنبعثة من هذه الوجبات، التي عادة ما يتناولونها في الظلام بسبب قطع الكهرباء عن الأقسام. كما تم منع المشروبات الساخنة، والسجائر عن الأسرى.

  • التعريض للبرد

يشعر الأسرى بشكل عام بالبرد الشديد، فقد قامت مصلحة السجون بسحب الملابس والغيارات البديلة من الأسرى، وسحبت أيضاً الوسائد، والأغطية، وأبقت على غطاء خفيف جداً لكل أسير، وبالتوازي قامت بإزالة نوافذ الغرف، مما يتسبب بمعاناة إضافية للأسرى ناتجة عن البرد الشديد أثناء الليل تحديداً، وبخاصة لأصحاب الأمراض وكبار السن والأشبال.

  • غياب مستلزمات النظافة الشخصية

سحبت مصلحة السجون وسائل النظافة الشخصية من الأسرى بما فيها أدوات الحلاقة ومعجون الأسنان والصابون، ومنذ السابع من أكتوبر لم يتمكن معظم الأسرى حلق شعر رأسهم، أو لحاهم. وأن معظم الأسرى لم يستحم منذ أكثر من شهرين، وأن المدة المسموحة للاستحمام لا تتعدى الدقيقتين، وأنهم جميعاً لا يملكون أية غيارات سواء داخلية أو خارجية. هذا عدا عن غياب تام لمستلزمات النظافة العامة الخاصة بالحمامات والغرف، مما يتسبب بروائح كريهة.

  • العقوبات الجماعية

تقوم مصلحة السجون بتعمد فرض العقوبات الجماعية على الأسرى، وتتخذ من أبسط التصرفات العادية لأي أسير سبباً لفرض العقوبات الجماعية، مثل أن يبتسم الأسير، أو يومي بعينه لزميله، أو يتحدث بصوت مرتفع، أو يتأخر لدقائق في الحمام، فهذا سبب كافي لحرمان كافة الأسرى من “الفورة” أو اقتحام الغرف أو غيرها من الإجراءات العقابية.

خامساً: الوضع القانوني للأسرى

منذ أن قامت “إسرائيل” باحتلال ما تبقى من فلسطين التاريخية في الخامس من حزيران عام 1967، اعتقلت مئات الآلاف من الفلسطينيين، فيما لم تقم بمعاملة أي منهم كأسير حرب، وذلك بحجة عدم وجود دولة طرف في النزاع يتبع لها هؤلاء الأسرى كون اتفاقية جنيف الثالثة التي تنظم موضوع أسرى الحرب مفتوحة لانضمام الدول فقط، لكن بعد انضمام دولة فلسطين إلى اتفاقية جنيف الثالثة عام 2014، لم يعد لهذه الحجة الإسرائيلية أية قيمة قانونية، بحكم أن أحكام الاتفاقية المذكورة تنطبق على الفلسطينيين الذين قاموا بأعمال قتالية ضد قوات الاحتلال، وإن معاملة “إسرائيل” لهم كمقاتلين غير شرعيين أو سجناء أمنيين “مجرمين” يخالف القواعد الراسخة في القانون الدولي الإنساني.

وفقا لنظام روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية يعتبر احتجاز المقاتلين، بما يتعارض مع اتفاقية جنيف الثالثة، جريمة حرب تختص المحكمة بالتحقيق فيها والمعاقبة عليها. كما يستفيد أسرى الحرب من عدد من المزايا التي وردت في الاتفاقية على مستوى المعاملة والوضع الصحي والحماية. بناء على ذلك، تمهد الإجراءات الإسرائيلية تجاه الأسرى وحرمانهم من وضع أسير الحرب والمزايا المترتبة عليه الطريق للمحكمة الجنائية الدولية للتحقيق بهذه الجريمة .[11]

سادساً: خاتمة وتوصيات

ما تم استعراضه في ورقة الحقائق هذه من أرقام حول أعداد الأسرى/ات، بعد السابع من أكتوبر، هي أرقام ليست ثابته، وقابلة للزيادة والنقصان، بحكم أن عمليات الاعتقال، وأيضاً إطلاق سراح الأسرى هي عملية مستمرة بشكل يومي. وهذا الأمر ينطبق على أعداد الشهداء والجرحى، حيث أن هذه الأرقام في زيادة مستمرة، ويبلغ المتوسط اليومي لعدد الشهداء في قطاع غزة قرابة (225) شهيد/ة يومياً.

وكذلك فإن المعطيات حول أوضاع الأسرى/ات، داخل سجون الاحتلال هي معطيات غير مكتملة بحكم أن “إسرائيل” لا تسمح بزيارة الأسرى إلا بشكل مُقنن، والحديث الذي يدور بين المحامين والأسرى أثناء الزيارة يكون عبر الهاتف الداخلي، وعادة ما يحجم الأسرى في سرد كل ما يتعرضون له من ممارسات تجنباً لأي تبعات قد تلحق بهم أو بمجموع الأسرى، ويتعامل المحامون مع الأسرى على هذا الأساس، ولكن وبشكل عام فإن الأوضاع التي يعيشها الأسرى غاية في الصعوبة وتشكل خطراً على حياتهم.

وإن مجمل الممارسات التي يتعرض لها الأسرى تتعارض مع مبادئ القانون الدولي الإنساني، وبخاصة أحكام اتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة، حيث يُمارس على الأسرى شتى أنواع التعذيب والعنف منذ لحظة الاعتقال، وما يتبع ذلك من ممارسات تتنافى مع أبسط حقوق الإنسان داخل المعتقل. وبشكل عام تعمل “إسرائيل” على إعادة الأوضاع داخل السجون إلى أسوء مما كانت عليه بداية الاحتلال عام 1967.

وبناءً عليه يوصي مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية “حريات” بما يلي:

  • ضرورة أن تقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بدورها، وتتحمل مسؤولياتها بزيارة الأسرى في سجون الاحتلال، والعمل مع الدول السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف لإجبار “إسرائيل” على فتح سجونها أمام اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
  • ضرورة دعوة لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلة إلى التحقيق في الاعتداءات التي يتعرض لها الأسرى في سجون الاحتلال.
  • ضرورة التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية باعتبار أن ما تقوم به “إسرائيل” بحق الأسرى يُعد عملاً جرمياً يستوجب البدء فوراً بتحقيق جنائي دولي حول قيام المسؤولين في “إسرائيل” بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بحكم أن هذه الأفعال تخالف بشكل صارخ اتفاقيات جنيف الأربع (1949) والبروتوكول الإضافي الأول (1977).
  • ضرورة المتابعة مع جهات الدولية المختصة بما فيها لجنة مناهضة التعذيب، ومراسلة المقررين الخواص، بمن فيهم المقرر الخاص المعني بالتعذيبوغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
  • ضرورة دعوة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لعقد جلسة خاصة لمناقشة ما يتعرض له الأسرى في سجون الاحتلال، واتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لوقف الاعتداءات بحق الأسرى.
  • ضرورة العمل من أجل إبقاء قضية الأسرى حية ولها أولوية خاصة، إلى حين الوصول إلى يوم الإفراج عن جميع الأسرى والأسيرات، وعدم التعامل مع هذه القضية الوطنية الرئيسية بشكل موسمي.

 

 

[1]– تقرير صادر عن مركز الاعلام الحكومي – قطاع غزة، بتاريخ 07/02/2024.

[2] – وزارة الصحة الفلسطينية، التقرير اليومي عن آثار العدوان الإسرائيلي. 6/فبراير 2024

SZdByJbjLtYry45qJ3Nywd1o_FKQFEfiQxGcKJ1yIs6xME7zu.pdf (moh.ps)

[3] – يشمل هذا العدد من أبقى الاحتلال على اعتقالهم، ومن تم الإفراج عنهم لاحقاً.

[4] – تقتصر ورقة الحقائق هذه على أوضاع الأسرى/ات، في الضفة الغربية، ولا تتناول أوضاع الأشخاص الذين قام جيش الاحتلال الإسرائيلي باعتقالهم في قطاع غزة، حيث لا تتوفر معلومات دقيقة عن أعدادهم وأماكن وظروف اعتقالهم، وهم يقعون ضمن تصنيف الاختفاء القسري.

[5] – للمزيد حول معتقلي قطاع غزة أنظر الموقع الإلكتروني للمركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار)

 مدار – يحدث الآن في سجون إسرائيل: اختفاء قسري وتنكيل وموت أسرى فلسطينيين! (madarcenter.org)

[6] – أنظر الموقع الإلكتروني للمركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار)

مدار – أوضاع الأسرى الفلسطينيين والسجون الإسرائيلية مع نهاية 2023 (madarcenter.org)

[7] – أنظر الموقع الإلكتروني لهيئة شؤون الأسرى والمحررين  الرئيسية (cda.gov.ps)، مع الإشارة إلى أن هذه الأعداد تشمل من أبقى الاحتلال على اعتقالهم، ومن تم الإفراج عنهم لاحقاً.

[8] – مركز “مدار” مصدر سابق.

[9] – استطاعت المحامية ليندا العبادي المستشارة القانونية لمركز “حريات” من تنفيذ (4) زيارات لسجن عوفر منذ السابع من أكتوبر 2023، حيث قامت، وعلى لسان الأسرى الذين قابلتهم، بتوثيق الأوضاع التي يعيشها الأسرى في هذا السجن، وهذه الأوضاع يمكن سحبها بشكل مشابه أو بشكل أكثر قسوة على باقي سجون الاحتلال.

[10] – للمزيد حول الأوضاع الصحية للأسرى المرضى أنظر تقارير مركز “حريات”

[11] – احسان عادل، معنز قفيشة، “المجلة الآسيوية للقانون الدولي”، دار نشر جامعة كامبريدج. رابط البحث:

Palestine’s Accession to Geneva Convention III: Typology of Captives Incarcerated by Israel | Asian Journal of International Law | Cambridge Core

جوال

+970-599641992

شارك هذا الخبر