تعبر مؤسساتنا عن قلقها شديد فيما يتعلق بالسياسات القضائيّة الإسرائيليّة الجديدة، حيث تفرض السلطات الإسرائيلية عقوبات جنائيّة مبالغ فيها تستهدف الشباب الفلسطيني في شرقي القدس المحتلّ. هذه السياسة يجب أن ينظر لها ضمن سياق أوسع من الممارسات القمعيّة التي تهدف إلى خلق بيئة قهرية تؤدي لطرد السكّان وعقّاب الفلسطينيين المقدسيين جماعياً لمعارضتهم السياسات الإسرائيليّة الاستعماريّة.
مؤسساتنا متخوفة بشكل خاص جرّاء محاكمة الشاب المقدسي عبد دويّات، والذي يبلغ من العمر عشرين عاماً، بالسجن لمدّة ثمانية عشرة سنة، لقيامه برميّ الحجارة. خلال عام 2015 تبنّت الحكومة الإسرائيليّة مجموعة من الإجراءات العقابيّة، والتي تضمنت عقوبات مفرطة تستهدف رماة الحجارة وعائلاتهم.[2] السياسة حدّدت الحدّ الأدنى للعقوبة بأربع سنوات وقد تصل إلى عشرين عاماّ في حدّها الأقصى. ويرافق هذه السياسة إجراءات عقابيّة أخرى بما فيها سحب الهويّة المقدسيّة، ومنع لم شمل العائلات، وهدم المنازل، ومصادرة الممتلكات. الظروف القاسيّة التي يعيشها المقدسيين تستدعي اهتماماً عاجلاً من المجتمع الدولي وتتطلب تحركّاً جديّاً لوضعِ حدّ للانتهاكات الجسيمة للحقوق الأساسيّة وحقوق الإنسان التي ترتُكب ضد الفلسطينيين.
“دراسة حالة”: عبد دويّات، عشرون عاماً، صور باهر، شرقيّ القدس المحتلّ
في تاريخ 15 تشرين الأول 2015، حُكم على عبد دويّات ومقدسيين آخرين بتهمة القتل غير العمد، ورمي الحجارة اتجاه سيّارة، والتسبب بجروح خطيرة. اتهم دويّات مع أربعة شبّان آخرين برمي الحجارة تجاه سيارة بالقرب من منطقة صور باهر في 13 أيلول 2015، ما تسبب بوقوع حادث سير أدّى بدوره إلى وفاة السائق. في 21 نوفمبر 2016، محامي الدفاع عن دويّات اضطر لتوقيع صفقة اعتراف بالذنب مع المدعي العام الإسرائيلي مقابل حكم بالسجن لمدّة ثمانية عشر عاماً. النائب العام الإسرائيلي، ليزو وولفُس، وصفت حكم دويّات بأنه سابقة واعتبرت أنها “العقوبة الأشدّ التي أعطت لشخص متهم بالقتل غير العمد باستخدام حجر”.
عقوبة عبد جاءت ضمن سلسلة من الإجراءات العقابيّة الأخرى التي استهدفته واستهدفت عائلته. في 11 أبريل 2016 شمعت قوًات الاحتلال بيت العائلة في حيّ صور باهر، ومن ثم صادرته تاركة والدته وأخته بلا مأوى. بالإضافة لكل ذلك قامت قوات الاحتلال بتاريخ 19 كانون الثاني 2016 بإلغاء الحق في الاقامة الدائم الخاص بعبد بدعوى انه “خرق الولاء لدولة اسرائيل”.
سياسة الاعتقال الإسرائيليّة التعسفيّة تجاه رامي الحجارة تنتهك المعايير الدوليّة. فالعقوبة يجب النطق بها بعد إجراء محاكمة عادلة ويجب أن تكون متناسبة مع جسامة الجريمة. ناهيك عن أن سحب الهويات المقدسيّة/ إبطال حق الإقامة الدائمة ينتهك المادّة 49 من معاهدة جنيف الرابعة بخصوص الترحيل/ النقل القسري وكذلك أحكام القانون الدولي العرفي والتي تفرض على الدول أن لا تجعل الأفراد بلا دولة.[7] وفي حين أن إسرائيل تستند في سحبها للهويّة على “خرق الولاء”، فتجدر الإشارة إلى أنه وفقاً للقانون الدولي الإنساني فإن الشعوب في الأراضي المحتلّة لا يفرض عليها واجب الولاء للقوّة المحتلّة.[8] كما وأنً تشميع منزل دويّات يعدّ عقوبة جماعيّة بما أنها تستهدف عائلته. ما بين شهر تمّوز 2014 وكانون الثاني 2017، اغلقت إسرائيل أربعة منازل في شرقيّ القدس كإجراء عقابي، وهدمت ستة منازل أخرى. المادّة 33 من معاهدة جنيف الرابعة تحظر العقوبات الجماعيّة وكذلك جميع تدابير التهديد تجاه الأشخاص المحميين وممتلكاتهم لـ “مخالفات لم يقترفوها شخصيّاً”.
بالإضافة إلى البعد العقابي الفردي والجماعي لقرارات إداريّة إسرائيلية كهذه، فإنً هذه التدابير العقابيّة هي جزء من سياسة إسرائيليّة عامّة تهدف إلى نقل الفلسطينيين قسرياً من القدس. النقل القسري لشعب محميّ يعدّ انتهاكاً جسيماً لمعاهدة جنيف الرابعة وبالتالي يرقى إلى جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانيّة وفقاً لميثاق محكمة الجنايات الدوليّة.
النظام القضائي الإسرائيلي متواطئ بشكلٍ واضح في تطبيق سياسات غير قانونيّة وممارسات تنتهك القانون الدولي، كما وأنه يكفل استمرارية حصانة المسؤولين الإسرائيليين المتورطين في انتهاك حقوق الفلسطينيين. وبناءً عليه، على المجتمع الدولي ان يتحمل مسؤولياته تجاه عدم التزام اسرائيل بمسؤولياتها الدوليّة ووضع حدّ لانتهاكات القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان. وعليه فإننا نحثّ المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لكي:
- تقوم بمراجعة وإلغاء القوانين التي تسمح بعقوبات سجن مشددة للغاية وغير متناسبة بتاتا مع الفعل وهي بذات الوقت عنصريّة وتعسفيّة اتجاه السكّان الفلسطينيين.
- إنهاء العمل فوراً بسياسة سحب الهويّات “حق الإقامة الدائمة” من الفلسطينيين المقدسيين، وإعادة الهويّات للأشخاص الذين سحبت منهم هوياتهم.
- إنهاء ممارسة هدم المنازل والمصادرة الفعليّة للممتلكات، وعليه يجب إعادة عائلة دويّات وغيرها إلى منازلها. وتعويض أولئك الذين هُدمت بيوتهم أو دمرّت بشكل كلّي وتوفير مأوى لهم.
- توقف سياستها في قمع الفلسطينيين والسياسات الاسرائيلية الاخرى التي تهدف الى تهجير الفلسطينيين قسريا من مناطق شرق القدس المحتلة.