مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية

الحكومة الاسرائيلية بصدد اعلان حرب على الحركة الأسيرة

بقلم حلمي الأعرج
 بعد وصول المفاوضات حول صفقة تبادل الأسرى بين الحكومة الاسرائيلية وحركة حماس عبر الوسيط الألماني بسبب التعنت الإسرائيلي إلى طريق مسدود تسعى حكومة نتنياهو لتحريك الصفقة من جديد وفرض شروطها على حركة حماس والفصائل الآسرة للجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط من خلال نقل الصراع الى ساحات السجون ظنا منها أن المهمة أمامها ستكون أكثر سهولة في انتزاع ما عجزت عن تحقيقه بالمفاوضات والحصار والعدوانعلى قطاع غزة.
ان قيام حكومة نتنياهو  بتمهيد الطريق وازالة العقبات التي كانت تعترض طرح ما سمي بقانون شاليط، وأعطاء الضوء الأخضر للجهات المعنية في وزارتي الداخلية والعدل,ومصلحة السجون لطرحه على الكنيست للمصادقة عليه، انما هو بمثابة اعلان حرب بقرار سياسي واضح لشن هجوم سافر وغير مسبوق على الحركة الأسيرة في محاولة محمومة لاضعافها وكسر شوكتها وعزلها عن محيطها الوطني والانقضاض على حقوقها وانجازاتها ومكتسباتها التي تحققت بفعل نضال طويل وشاق وفرض شروط اعتقال لاانسانية وغاية في الصعوبة والقسوة عليها بشكل يتنافى مع الأعراف والاتفاقيات الدولية خاصة اتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة لعام 1949 ومعايير الأمم المتحدة بهذا الشأن والعودة بظروف الاعتقال الى نقطة الصفر، نقطة بدايات الاعتقال الأولى عام 1967.
ان هذا القرار يظهر بما لا يدع مجالا للشك أن الظروف الاعتقالية الصعبة التي يعيشها الأسرى داخل السجون الإسرائيلية هي بفعل سياسة مرسومة ومقرة من قبل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وأن هذه الحكومات تتعاطى على الدوام مع ملف الأسرى كورقة للمساومة والابتزاز السياسي وأنها لم تكتفي برفض الافراج عنهم من سجونها، بل وتتخذ ضدهم سلسلة من القرارات السياسية الظالمة لتشديد الخناق عليهم وترفض تحسين شروط اعتقالهم.
أمام هذه الوقائع يصبح لزاما علينا نحن الفلسطينيون شعبنا و م.ت.ف وسلطة وطنية وحكومة وقوى وفصائل سحب هذه الورقة من يد الحكومات الإسرائيلية والتصدي لحربها المعلنة على أسرانا وأسيراتنا كخطوة لا بد منها عن طريق انتزاع حريتهم جميعاً دون قيد أو شرط أو تمييز وكذلك استخلاص العبر للعمل على تدويل هذه القضية ونقلها للمحافل الدولية وزيادة الاهتمام العربي والإسلامي والدولي بعدالتها باعتبارها من أولوياتنا الوطنية وتكريسها كثابت من الثوابت الفلسطينية بصفتها قضية سياسية ووطنية بامتياز تعادل بأهميتها قضايا الاستيطان والقدس واللاجئين والحدود والمياه وأن حلها ينبغي أن يكون مقدمة لأية مفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية وليس نتيجة لها.
إن خطورة هذا القانون تتجلى ليس بتطبيقاته التي سيترتب عليها حرمان الأسرى من زيارات الأهل والمحامين وسحب أجهزة التلفاز ومنع إدخال الصحف والكتب ومنع التعليم وغير ذلك  بل لكونه صادر بقرار سياسي من حكومة اسرائيل لتحقيق مكاسب وأهداف سياسية على حساب الحركة الوطنية الأسيرة التي هي أساسا تعاني من سلسلة اجراءات قمعية من قبل مصلحة السجون وبسببها نفذت خلال شهر نيسان الماضي عدة خطوات احتجاجية تمثلت بالإضراب عن الطعام لمدة ثلاثة أيام وبالامتناع عن زيارات الأهل احتجاجا على استمرار منع أسرى غزة من زيارة ذويهم  وكذلك المئات من أسرى الضفة لأسباب وذرائع أمنية، واحتجاجا على سياسة التفتيش العاري والمذل الذي يتعرض له الأهل والأسرى على حد سواء، وعلى سياسة العزل والاهمال الطبي والغرامات والعقوبات الجماعية ومنع ادخال الملابس والأحذية الرياضية والكتب وغير ذلك من احتياجات الأسرى، فضلا عن حرمانهم من الالتحاق بالجامعات ومن تقديم التوجيهي لعامين متتاليين.
إن التوقيت الذي اختارته الحكومة الاسرائيلية لتنفيذ هذا القرار يأتي إثر توحد الحركة الأسيرة على برنامج نضالي تبنته كافة فصائل العمل الوطني والإسلامي على الساحة الاعتقالية. وفي اللحظة التي أخذت تتعافى من تداعيات الانقسام الداخلي وبدأت  بوادر الحياة الاعتقالية المشتركة تعود الى طبيعتها في عدد من السجون لقطع الطريق عليها في استعادة وحدتها ومنعها من مواصلة سعيها الدؤوب لإنهاء حالة الانقسام على الساحة الفلسطينية.
ان تطبيق هذا القرار سيؤدي حتما الى انفجار وشيك داخل السجون تتحمل الحكومة الاسرائيلية المسئولية الكاملة عما سيترتب عليه من نتائج وتداعيات خطيرة، لأن الحركة الأسيرة الموحدة ستتصدى له بكل قوة وعنفوان  دفاعا عن حقوقها الأساسية والمكتسبة وعن كرامتها الوطنية ولن تفرط بأي منها تحت أي ظرف من الظروف سيما أنه لا يوجد مبرر منطقي أو سياسي أو أخلاقي أو قانوني يعطي الحق للحكومة الإسرائيلية للاقدام على هذه الخطوة التي تتنافى مع كافة المواثيق والأعراف الدولية.
وأمام هذه التحديات الخطيرة فلا بد من توحد الحركة الوطنية الأسيرة وعموم الشعب الفلسطيني في معركة سياسية قانونية وإعلامية للتصدي لهذه القرارات السياسية الظالمة المخالفة لأحكام القانون الدولي الانساني وافشالها في مهدها.
Exit mobile version