مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية

أنقذوا حياة الأسرى المرضى

بقلم حلمي الأعرج

تحت هذا الشعار ومن أجل هذه الرسالة الإنسانية وهذا الهدف السامي ينبغي أن يتحرك الجميع قبل فوات الأوان لإنقاذ حياة الأسرى المرضى، فوفاة الأسير زهير لباده كانت بمثابة صرخة من شأنها حث الضمير الإنساني للخروج عن صمته والتحرك لإنقاذ حياة هذه الفئة المعذبة التي يمارس بحقها ليس فقط سياسة الإهمال الطبي إنما أيضاً سياسة ممنهجة في التعذيب والمعاملة اللاانسانية من قبل مصلحة السجون، في ظل صمت مطبق من نقابة الأطباء الإسرائيلية التي تعمل بشكل مغاير لرسالتها ومخالف لرسالة الطب الإنسانية التي يحملها أعضاؤها ويقفون موقف المتفرج على معاناتهم وموتهم التدريجي البطيء دون أن يحركوا ساكناً بل ينفذوا السياسة التي أوكلها إليهم الاحتلال.
إن استمرار زج الحالات المرضية الصعبة في ما يسمى تجاوزاً بمستشفى سجن الرملة في ظروف مزرية ومعاملة سادية وإمعان في سياسة الإهمال الطبي وعدم تقديم العلاج اللازم لهم حتى أن عدداً من هذه الحالات تم إغلاق ملفاتها الطبية لعدم جدوى العلاج المقدم لها ومنهم خالد الشاويش، أشرف أبو ذريع، منصور موقده، ناهض الأقرع وهؤلاء يعانون من شلل نصفي أو دائم؛ يستدعي تدخلاً عاجلاً وفاعلاً من قبل المؤسسات الدولية خاصة الصليب الأحمر الدولي ومنظمة العفو الدولية ومنظمة الصحة العالمية لإدانة هذه السياسة والضغط على الحكومة الإسرائيلية للإفراج عنهم بموجب القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني خاصة اتفاقية جنيف الثالثة التي نصت في موادها 31، 109، 110، 112 بوضوح على إعادة الأسرى المرضى والمصابين بأمراض خطيرة إلى أوطانهم.
وفي الآونة الأخيرة لا شك أن أنين الأسرى المرضى ومعاناتهم وحرمانهم ومناشداتهم وصلت للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ولقداسة البابا وإلى مسامع المجتمع الدولي ومنظمة الصحة العالمية التي اتخذت قراراً هاماً بتاريخ 20 أيار 2010 ينتصر لمعاناة الأسرى المرضى وتأكيدها مجدداً على هذا القرار وخلال إضراب الأسرى في نيسان الماضي.
كل ذلك يشير بوضوح ويؤكد قلق الجهات الدولية المعنية على حياة الأسرى المرضى وظروف اعتقالهم ولكن لم يتم حتى الآن ترجمة هذا القلق إلى فعل ضاغط على الحكومة الإسرائيلية لإلزامها باحترام مبادئ حقوق الإنسان والمواثيق والاتفاقيات الدولية علماً أن قضية الأسرى المرضى في سجون الاحتلال الإسرائيلي والحالات المرضية الصعبة منها تحتل الأهمية الأبرز بالنسبة للأسرى وعائلاتهم في هذه المرحلة خصوصاً بعد سلسلة الإضرابات المفتوحة عن الطعام الفردية والجماعية التي خاضها الأسرى منذ أيلول الماضي وما زالوا يخوضونها حتى اللحظة، الأمر الذي فاقم من خطورة الأوضاع الصحية في السجون وزاد عدد الأسرى المرضى ليتجاوز 900 أسير من أصل 4450 أسير في السجون هذا بالإضافة لعدد من الأسرى المرضى من ذوي الحالات الصعبة الذين خاضوا هذه الإضرابات رغم الخطر الذي يتهدد حياتهم منهم الأسير تحرير البرغوثي الذي يعاني من مرض الربو حيث نقل أثناء الإضراب في حالة حرجة إلى مستشفى سوروكا إثر إعطاءه دواء خاطئاً أدى إلى مضاعفات قوية والأسير المقعد محمد عبد العزيز أبو لبده والأسير رياض العمور الذي يحتاج لتغيير جهاز تنظيم دقات القلب والأسير أكرم الريخاوي الذي يعاني من عدة أمراض خاصة مرض الربو وهو مقيم دائم في مستشفى سجن الرملة منذ ثمانية أعوام لسوء حالته الصحية وما زال مستمراً في إضرابه المفتوح عن الطعام لليوم 76 على التوالي مطالباً الإفراج عنه بسبب صعوبة وضعه الصحي بعد أن أوصت لجنة طبية تابعة لمصلحة السجون بالإفراج عنه قبل انتهاء فترة محكوميته إلا أن محكمة الثلث التي انعقدت بتاريخ 5/6/2012 وأثناء إضرابه عن الطعام رفضت التوصية وأبقت عليه في السجن في مستشفى الرملة بحجة أن العلاج المقدم له مناسب ولن يقدم له أفضل من ذلك في الخارج الأمر الذي دفعه للاستمرار بإضرابه وتصعيده بامتناعه عن تناول الدواء والمحاليل الطبية.
إن بقاء الأوضاع الصحية المتردية على حالها في سجون الاحتلال الإسرائيلي واستمرار سياسة الإهمال الطبي تجاه الأسرى المرضى يعني التسليم بالحكم عليهم بالإعدام خاصة مرضى السرطان وعددهم اثني عشر أسيراً منهم عامر بحر، نور جابر، حازم مقداد، رأفت تركمان، محمد أبو الرب. والمقعدين وعددهم 9 منهم خالد الشاويش ومنصور موقده وناهض الأقرع وأشرف أبو دريع ومرضى القلب ومنهم علاء حسونه ورياض العمور.
إن أهمية إثارة هذا الموضوع مجدداً بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة التعذيب الذي يأتي بالتعاون بين الائتلاف الفلسطيني لمناهضة التعذيب والمفوض السامي لحقوق الإنسان، له وقع خاص في تسليط الضوء على هذه المعاناة الإنسانية التي تتجاوز كل الحدود. مما يستدعي تحويل هذه المناسبات إلى خطط عمل تنتصر للمضطهدين والمعذبين من قبل الاحتلال والأنظمة الديكتاتورية التي تنتهك أبسط حقوق الإنسان على مرأى ومسمع من العالم لأنها لا تجد من يحاسبها أو يساؤلها. ولذلك نحن ندعو بهذه المناسبة المفوض السامي والأمم المتحدة والصليب الأحمر ومنظمة العفو الدولية ومنظمة الصحة العالمية للعمل فوراً لإنقاذ حياة الأسرى المرضى في سجون الاحتلال الإسرائيلي لتحقيق ما يلي:
أولاً: الإسراع في تشكيل لجنة طبية دولية متخصصة من قبل منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر الدولي لزيارة السجون والإطلاع على الأوضاع الصحية فيها وتقديم تقرير للأمين العام للأمم المتحدة والمجلس الأممي لحقوق الإنسان عن نتائج هذه الزيارة تنفيذاً لقرار منظمة الصحة العالمية بتاريخ 20/5/2010.
ثانياً: المطالبة بالإفراج الفوري عن الحالات المرضية الصعبة التي يعتمدها تقرير اللجنة المقترحة أعلاه وتحميل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن حياتهم.
ثالثاً: التعاون مع السلطة الوطنية الفلسطينية وأطراف دولية أخرى في رفع شكوى دولية في المحاكم الجنائية الدولية لملاحقة المسؤولين الإسرائيليين عن وفاة الأسير زهير لباده الذي اعتقل إدارياً وهو في حالة خطرة  ويعاني من فشل كلوي إلى جانب الأسرى الآخرين الذين توفوا بسب سياسة الإهمال الطبي.
رابعاً: التحرك العاجل من قبل المؤسسات الدولية للضغط على الحكومة الإسرائيلية لتقديم العلاج اللازم للأسرى المرضى لتخفيف معاناتهم وآلامهم.
خامساً: إغلاق ما يسمى بمستشفى سجن الرملة ونقل الأسرى المرضى المقيمين فيه إلى مستشفيات مدنية.
بهذه الخطوات العملية الملموسة وغيرها ننتصر لذاتنا الإنسانية ولمبادئ حقوق الإنسان ولمعاناة وأنات الأسرى المرضى وللذين سقطوا جراء سياسية الإهمال الطبي ونحمي أسرانا ونرتقي لمستوى نضالاتهم وتضحياتهم التي سطروها في ملاحمهم البطولية الفردية والجماعية على نحو قل نظيره في التاريخ الإنساني الحديث.
Exit mobile version