1

حريات: في اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب – على الحكومة الالتزام بالتطبيق الفعال لاتفاقية مناهضة التعذيب

في إطار فعاليات إحياء اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب الذي يصادف 26 حزيران من كل عام، يعمل مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية “حريات” من خلال إصدار هذه الورقة على إبراز مبدأ التطبيق الفعال لاتفاقية مناهضة التعذيب، حيث أن إحياء هذه المناسبة يأتي هذا العام بعد مضي أكثر من ست سنوات على انضمام دولة فلسطين للاتفاقية، وبعد إجراء فحص معياري لمفهوم التطبيق الفعّال للاتفاقية بهدف معرفة مدى انعكاسها على الواقع الفلسطيني، وجدنا أن الحكومة الفلسطينية أصدرت العديد من القرارات والمراسيم التي تحرّم التعذيب، وصاغت مدونات سلوك منفردة وموحدة للأجهزة الأمنية والشرطية تتضمن تحريم التعذيب، وكذلك انفتاح هذه الأجهزة على رقابة مؤسسات المجتمع المدني وإتاحة المجال لها لزيارة مراكز التوقيف والاحتجاز.

بالإستناد إلى ما ذكر أعلاه لا بد من التأكيد على أن معيار التطبيق الفعّال لنصوص الاتفاقية يتم من خلال اتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابير القضائية والتشريعية التي من شأنها موائمة التشريعات الفلسطينية ونصوص اتفاقية مناهضة التعذيب وتجريم التعذيب بوصفه جريمة مستقلة بحد ذاتها في القانون الفلسطيني، ومحاسبة مرتكبي هذه الجريمة المشينة ووضع اللوائح التنفيذية التي تمكن القضاة من احتساب التعويض المعنوي لضحايا جريمة التعذيب وسوء المعاملة، وإلى حين تحقق ذلك يجب على الجهات الرسمية العمل على اتخاذ إجراءات سريعة لمناهضة جريمة التعذيب والحد منها تتمثل فيما يلي:

أولاً: ضمان احترام محددات العلاقة بين النيابة العامة بصفتها الجهة الوحيدة المخولة بتحريك الدعوى العمومية والتحقيق بها وأفراد الضابطة القضائية من الأجهزة الأمنية والشرطية التي وضعها قانون الإجراءات الجزائية رقم 3 لسنة 2001، وهذا الأمر يتطلب تفسير مفهوم الشأن العسكري وفق المعيار الموضوعي، وليس الشخصي كما فسرته المحكمة الدستورية بقرارها المتعلق بتفسير نص المادة 53 من قرار بقانون المتعلق بقانون الشرطة.

ثانياً: إنشاء الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب واحترام المعايير الدولية الناظمة لعملها وضمان استقلالها والالتزام بتنفيذ توصياتها على وجه السرعة وعدم التذرع بأي ظرف للتملص من التنفيذ الفوري لهذه التوصيات.

ثالثاً: إنشاء وزارة الداخلية لفريق وطني حكومي مهمته إجراء تحقيق سريع ونزيه  كلما وجدت أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن عملاً من أعمال التعذيب قد ارتكب في نطاق الولاية القانونية والقضائية لدولة فلسطين وإحالة مرتكبي هذه الجريمة إلى الجهات المختصة لمحاسبتهم، آخذين بعين الاعتبار أن جريمة التعذيب لا تسقط بالتقادم.

رابعاً: ايداع الحكومة الفلسطينية للإعلان بمقتضى نص المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب الذي تعترف دولة فلسطين بمقتضى هذه المادة باختصاص لجنة مناهضة التعذيب في تسلّم ودراسة البلاغات الواردة من أفراد أو بالنيابة عنهم الذين يدعون بتعرضهم للتعذيب في ولايتها القانونية.

خامساً: سن قانون حماية الأسرة من العنف واعتبار أن استمرار سكوت الموظفين عن اتخاذ إجراءات من شأنها محاسبة مرتكبي العف القائم على التمييز شكل من أشكال التعذيب وسوء المعاملة.

سادساً: على الحكومة مواجهة عجز الإجراءات المدنية القائمة لتوفير الإنصاف المناسب للضحايا، والعمل على تطبيق آليات يسهل وصول ضحايا التعذيب وسوء المعاملة إليها، من خلال إنشاء صندوق وطني لتوفير الإنصاف لضحايا التعذيب، ووجود الصندوق يخدم مسألة تجاوز الربط بين الدعوى الجزائية والمدنية كشرط للتعويض المدني، حيث أن الحصول على تعويض فوري ومناسب عن أعمال التعذيب وسوء المعاملة بموجب المادة 14 من الاتفاقية هو حق متعدد المستويات.

أخيراً نذكر أحرار العالم والمؤمنين بمبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي بضرورة مساندة حق الشعب الفلسطيني بالخلاص من الاحتلال باعتباره المنتهك الأول لحقوق الشعب الفلسطيني وعلى رأسها حقه في تقرير مصيره، كما نوجه التحية لأسرانا البواسل الذين يتعرضون للتعذيب الممنهج من قبل سلطات الاحتلال ومنهم الأسرى المرضى الذين يعيشون في أوضاع مأساوية نتيجة امتناع مصلحة السجون عن تقديم العلاج المناسب لهم الأمر الذي يسبب لهم معاناة مستمرة تعتبر شكل من أشكال التعذيب وسوء المعاملة، لذا لا بد من العمل معاً نحو فلسطين خالية من التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان.

مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية

25/06/2020